جامع السلطان قابوس الأكبر .. أم المكارم وأعظم هدية للمسلمين

    • جامع السلطان قابوس الأكبر .. أم المكارم وأعظم هدية للمسلمين


      تم افتتاح هذه الصرح الكبير تحت الرعاية السامية يوم الجمعة 4/ مايو/2001م الذي تم إنشاءوه في ولاية بوشر بمحافظة مسقط . يعد جامع السلطان قابوس الأكبر صرحا شامخا من صروح الدين والعلم فهو أكبر جامع يتم إنشاءه في السلطنة سواء من حيث المساحة أو الفخامة وروعة البناء والتصميم أو من حيث الخدمات التي تم توفيرها لكي يتمكن من القيام بدوره المأمول كصرح حضاري له جوانبه الدينية والعلمية وقدرته على التواصل والاتصال مع مختلف صروح الدول الإسلامية وعلى امتداد المعمورة ومن ثم مواصلة الإسهام العماني في خدمة الإسلام والمسلمين .

      وجامع السلطان الأكبر يأتي على رأس قائمة الجوامع والمساجد التي تفضل جلالة السلطان قابوس المعظم فقام بتشييدها وعمارتها ورعايتها على نفقته الخاصة ومن حر ماله الخاص أصبحت ترتفع مآذنها في محافظات وولايات السلطنة .

      يعد جامع السلطان قابوس الأكبر شاهدا على الاهتمام السامى لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم يحفظه الله ويرعاه ببناء بيوت الله كما يعد مركزا مهما للدراسات الاسلامية ومنبعا لتعلم العلوم الإسلامية ومركزا لتخريج الدعاة والمفكرين والناشرين لدين الحق ومنبرا للتواصل الانسانى والحضاري القائم على سماحة الاسلام وروحانيته الداعية للخير والمحبة والسلام.

      ويقف جامع السلطان قابوس الاكبر شاهدا حيا يحكى قصة العمانيين الخالدة ودورهم الرائد في الحضارة الاسلامية منذ بواكير عهدها والتى ما فتأت تنعكس في الكثير من المظاهر العمرانية التى استقت روحها من دين الاسلام والذي اهتم ايما اهتمام بالعلم والفنون والابداع الانسانى.


      وجامع السلطان قابوس الاكبر الذي جاء تشييده بأوامر سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم يحفظه الله ويرعاه وعلى نفقته الخاصة وباشراف من لدن جلالته يعتبر الاكبر بين المساجد في السلطنة. . استنبطت تصاميمه من الحضارات الاكثر حضورا وتأثيرا وفعالية فى بلاد الشرق فظهر ذلك جليا فى دقة تلك التصاميم وروعتها المتناهية وقدرتها العجيبة على استلهام روح الجمال والابداع.


      ان فكرة اقامة جامع السلطان قابوس الاكبر جاءت لكى يستوعب الجامع اكبر عدد من المصلين ويكون معلما دينيا وحضاريا وثقافيا واجتماعيا حيث صدرت الاوامر السامية بانشاء أكبر جامع فى السلطنة فى عام 1992 لتبدأ مرحلة التصميم مشيرا الى ان الهدف من ذلك يتمثل ليس فقط فى توفير مكان للصلاة والتعبد بل ليكون مركزا للتفاعل مع روح الاسلام دينا وعلما وحضارة .

      الشكل المعمارى للجامع مبنى على وجود خمس ماَذن ترمز الى أركان الاسلام الخمسة حيث تبرز المئذنة الرئيسية وترمز الى الركن الأول من اركان الاسلام وقبة المصلى بارتفاع كل منهما كعنصرين أساسيين ضمن بيئة الجامع وتتخلل الجدران البيضاء المهيبة مجموعة من الاقواس والكوات المفتوحة مع دعامات تستهل واجهة المصلى الرئيسى.

      هذه الدعامات لها وظيفة انشائية فضلا عن أنها ملاقف للهواء على غرار عناصر الابراج المناخية التقليدية والسائدة فى العمارة المحلية كما ان للقبة غشاء مخرما متشابكا منمقة خطوطه بشعرية ذهبية وتنجلى من خلال شفافية هيكل القبة الخارجية القبة الثانية المكسوة بقشرة من أحجار الفسيفساء الذهبية بأكملها.

      ان جدران المصلى الرئيسى تتوج بشرفات يتأصل طرازها فى عمارة القلاع العمانية خاصة ومسننات الشرفات فى العمارة الاسلامية عموما فيما يتميز جدار القبلة بكوة المحراب البارزة فى نتوئها عند الواجهة كما هو التقليد فى وضوح التعبير عن حائط القبلة فى تصميم المساجد العمانية مما يضفى البعد الثلاثى لفضاء المحراب على حركة الواجهة ويعتلى المحراب من الخارج نصف قبة مماثلة فى تكوينها لتشكيل القبة المركزية.

      وقد روعى فى زخرفة الاروقة (الشمالى والجنوبى) تقسيمها الى ردهات تحتوى كل ردهة على زخرفة من الزخارف التى تنتمى لحضارات اسلامية مختلفة منها الزخرفة العمانية والعثمانية والمملوكية والمغربية والمصرية الفرعونية والبيزنطية وزخرفة بلاد الحجاز وزخرفة الفن الاسلامى المغولى وزخرفة آسيا الوسطى والزخرفة الاسلامية المعاصرة والتى تضفى على المكان جماله وبهاءه بنقوشها الجميلة ومن هنا يأتى حوار الحضارات فى مكان واحد.


      ويتوسط الرواقين المصلى الرئيسى ويتسع لاكثر من ستة الاف وخمسمائة مصلٍ وقد زخرف هذا المصلى بقطع الفسيفساء والرخام الابيض والرخام الرمادى الغامق حيث وصل عدد قطع الفسيفساء المستخدمة فى تزيين المصلى الرئيسى ما يقارب من ثمانية ملايين قطعة مشيرا الى انه ومع امكانية احتواء الصحن الخارجى لثمانية الاف مصلٍ بالاضافة الى الصحن الداخلى والاروقة فان السعة الاجمالية للجامع تصل الى امكانية احتواء (20) الف مصل ومصلية.


      يتوسط جدار القبلة محراب يعد روعة فى الجمال بنقوشه الجميلة ويعتبر اعلى محراب فى السلطنة اذ يبلغ ارتفاعه 14 مترا وبعرض يقارب التسعة امتار. وقد فرشت قاعة المصلى الرئيسى بسجادة أعجمية مصنوعة باليد من الصوف الخالص استغرق تصنيعها اربع سنوات وقد حيكت فى ايران فى منطقة مشهد بواسطة ستمائة شخص واستغرقت الحياكة وحدها 27 شهرا. . وقد دخلت السجادة موسوعة جينيس للارقام القياسية باعتبارها اكبر سجادة فى العالم حيث تبلغ مساحتها
      (4263) مترا مربعا.

      يوجد بالجامع مصلى للنساء مزخرف بالاحجار المصقولة والمنقوشة والمحفورة يدويا يتسع لاكثر من ثمانمائة مصلية وقاعة للمحاضرات والفعاليات الثقافية المختلفة سعتها (300) شخص تقع الى الغرب من الرواق ومكتبة تضم (20) الف مجلد مرجعى فى شتى العلوم والثقافة الاسلامية والانسانية التى تقع فى الشق الشرقى من الرواق وهى مجهزة بأحدث التقنيات السمعية والبصرية وشبكة المعلومات العالمية (الانترنت) مهيأة لاستقبال الدارسين والباحثين بينما تم تصميم أماكن الوضوء فى الوسط حول باحات وقاعات خاصة لها على طول خلفية الرواق المحاذية للصحن الخارجى. . كما انبثق عن تطوير مشروع الجامع بفعالياته الثقافية ومهامه الدينية والروحية معهد للعلوم الاسلامية الذى تم انشاؤه بمبنى مستقل بمرافقه التعليمية الخاصة جنوب مجمع الجامع.

      جامع السلطان قابوس الاكبر يتميز بتفرده اذ لا يوجد هناك نموذج هندسى اخر مشابه له ولذلك فهو صرح فريد من نوعه ويتميز بأنه مكسى بالحجارة المحفورة يدويا من الخارج مما يضفى عليه طابع الديمومة والرسوخ ومن ينظر اليه يحسبه وكأنه مبنى شامخا من مئات السنين وقد روعى فى المواد المستخدمة فى البناء ان تكون مواد طبيعية حتى يظل هذا الصرح خالدا لاَلاف السنين.

      موقع الجامع يحتل مسافة الف متر على طول شارع السلطان قابوس وبعمق 885 مترا من الشمال الى الجنوب. . وقد تم البناء على مساحة اجمالية بما فيها الشوارع والتشجير قدرها (416) الف متر مربع كما ان تشييد الجامع تم على ارضية متسعة ومرتفعة عن سطح الموقع بمقدار (8ر1) متر وذلك للابقاء على المبدأ العمانى السائد فى رفع عمارة المساجد التقليدية القائمة فى احياء وقرى المدن القديمة عن مستوى العمارة السكنية والعامة وكذلك عن مستوى ارض الولايات.