رسالة من القلب...ولعلها تصل الى القلب

    • رسالة من القلب...ولعلها تصل الى القلب

      الأخت الصغيرة كانت دائماً تتحدث عن الزواج.. و تحمل همه .. وأنه لن يرضى أحد بها بسبب مرضها.. وأنها... وأنها.. وإذا قيل لها ادعي الله.. وتضرعي إليه.. تقول: دعوته! ودعوته! ولم يحصل أي شيء! إلى متى سأنتظر؟!
      أما الكبيرة فكانت لا تحمل همه.. ولا تتحدث عنه.. وتدعوا الله بينها وبينه.. وتطلب منه بمنّه وكرمه وفضله.. أن يرزقها الزوج والذرية الصالحة..
      ولم يكن أحد يتوقّع أن يحصل أي شيء.. فالمتعارف عليه أن المصابين بهذا المرض (والأعمار بيد الله) لا يتجاوزوا سن البلــــــــــوغ!

      ولكن ......... !!!

      رسالة مؤثـّرة طويلة قليلا .. لكنها تستحق القراءة

      بسم الله الرحمن الرحيم
      أختي الحبيبة.. يا من تعانين من مشاكل هذه الدُنيا الدانية الفانية.. وتحسين أن الابتلاءات كثرت عليكِ وأصبحت لا تطاق..
      إقرئي كلماتي هذه لك.. التي أسأل الله أن تكون سببا في تخفيف عنك بعض ما أنتِ فيه..
      هل تفكرتي أختي في جنة الدنيا؟
      أعلمتي ما هي جنة الدنيا؟
      أعلمتي ما هو هدفنا في هذه الدنيا الفانية؟ هدفنا هو كسب رضا الله سبحانه وتعالى, فإذا ازداد ايمانك وفزتي برضى خالقك وبارئك سبحانه وتعالى أحسستِ بلذة في عبادتك وأحسستِ بـحلاوة الإيــمان, وأحسستِ براحة وطمأنينة ليس بعدهما راحة ولا طمأنينة.. ففزتي بجنتين: جنة دنيا, وجنة آخرة..
      فعندما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: إن في الدنيا جنة.. من لم يذقها لم يدخل جنة الآخرة. قيل له: وما هي؟ قال: التلذّذ بعبادة الله تبارك وتعالى. قد تتسائلين.. كيف أكسب رضى الله عز وجل فأفوز فوزا عظيما, وأحس بسعادة وطمأنينة في الدنيا والآخرة؟
      احب الخصال إلى الكريم المتعال.. خصلة تعلّقت بسويداء المؤمنة.. خصلة دخلت إلى أعماق قلبها, لا يعلمها إلا الله.. تلك الخصلة التي تحقق بها إيمانها.. وتُصدّق بها التزامها بشريعة ربها.. إنها الإستجابة الصادقة لأوامر الكتاب والسنة.. فأعظم أخلاق المؤمنين والمؤمنات, وأحبها إلى الله عز وجل الإستجابة الكاملة للكتاب والسنة.
      فمفتاح الخير كله في طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, ولقد شهد الله عزوجل في كتابه أن من أطاعه وأطاع رسوله صلى الله عليه وسلم أنه قد فاز فوزاً عظيماً... فقال سبحانه: ((ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً, وإذاً لآتيناهم من لدنّا أجراً عظيماً ولهديناهم صراطاً مستقيماً)) فاجعلي لسانك دوما رطباً بذكر الله جل وعلا ... و أكثري الإستغفار ... فقد قال العلماء إن الإنسان يُحرم التوفيق في الطاعة على قدر معصيته لله عز وجل. فاستكثري من الاستغفار .. واستكثري من سؤال الله عز وجل أن يهبك القلب الحيّ الذي يتأثربكلامه.. ويتأثر بشرعه ونظامه..
      سَلِيــه..... فإنه كريــــــم لا يرد سائلاً ...... و ارجيــــه ... فإنه حليــم رحيـــم لا يُخيّب راجياً..
      وأكثري من قراءة القرآن الكريم.. .. قراءة بتدبر وتفكر.. و حسّي وكأن القرآن يناديكِ .... وأنك المعنية في كل حرف فيه.. وبكل كلمة تقرئين ... و حسّي وكأن هذا القرآن يناديكِ.. وأنه لرحمة الله يدعوكِ.. فإذا وجد هذا الشعور.. وكان هذا الإحساس منكِ فإنه سرعان ما يؤثر فيكِ.. فأحسّي كأن كتاب الله يدعوكِ.. وأحسي كلام الله موجّه إليكِ..
      أختي الحبيبة.. لا تيأسي ولا تقنطي من رحمة الله, ولا تستعجلي الإجابة.. فإن الله أرحم بكِ من أمك, وإنه أعلم بكِ من الخير لك.. فادعيه وانتظري الفرج.. سليه وانتطري الإجابة.. ارجيه وانتظري السعادة..
      ولكن اياكِ اياكِ - أختي الحبيبة - أن تتركي للشيطان مجالا أن يوسوس لكِ ما قد يحول بينك وبين الإجابة.. فلا تقولي دعوت ورجوت ولم يستجب الله لي.. عليكِ بالصبر والاستمرار بالدعاء.. فلا تركني ولا تفتري انما كلما ازداد الزمن ولم يأتِ الفرج.. فألحي بالدعاء واستكثري منه.. وإن الله جل وعلا ليحب أن يسمع دعاء عبده له.. فإذا أحب العبد وسمعه يدعوه قال لملائكته أمنعوا عنه حاجته لأسمع صوته يدعوني.
      انظري أختي الغالية.. إن الله يؤخر عن عباده الذين يحبهم حاجتهم ليزدادوا دعاءً له!
      وإنه يبتليهم ليراهم ..... هل سيصبرون .... أم يجحدون ويستنكرون؟
      ولا تنسي أيضا أختي الحبيبة أن الله إذا أحب العبد ابتلاه.. والله يحب الصابرين: ((والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس, أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون))
      واعلمي - غاليتي - بأن الله جل وعلا يبتليكِ بقدر ما لديكِ من إيمان, فإن كان إيمانك عظيم القدر, شدد الله عليك في البلاء.وكل ما تلاقينه أيتها الغالية هو تخفيف عنك من ذنوبك.. فكما قال عليه الصلاة والسلام: "ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمّه إلا كفّّر الله به من سيئاته"
      فاصبري أختي العزيزة.. واثبتي واكثري وألحي من الدعاء.. وسترين آثار دعائك بإذن الله إما عاجلا أو آجلا.. أنظري أختي لما حصل مع احدى قريباتي.. أختين .. تربينا أنا وهما مع بعضنا البعض منذ كان عمري 8 سنين..

      الأختين بينهم سنة واحدة في العمر فقط.. وقد ابتلاهم الله بمرض الثلاسيميا.. فمرة في الشهر يذهبوا للمستشفى لأخذ دم (حيث ان الثلاسيميا مرض وراثي يمنع الدم من صنع الحديد.. ويفقدوا الدم بسرعة.. كما أن 50% من بصرهم وسمعهم مفقود.. فيلبسوا النظارات.. وجهاز صغير في الأذن لا يظهر يساعدهم على السماع ).
      كانوا الأخوات يختلفوا عن بعض..
      فالكبيرة كانت ولا زالت لا تشتكي من مرضها.. ولا تتضايق إذا سألها أحد عنه (رغم أنه لا يبدوا عليهم من مظهرهم أنهم مريضين.. إلا من يعلم من قبل).. وتقول هذا ابتلاء من الله.. ومن أنا حتى أشتكي؟ هو اختارني وما عليّ إلا الشكر والرضا!.. تملئ وقتها في الدعوة إلى الله.. وفي أعمال الخير ومساعدة الغير.. لا تسمعها أبداُ تتحدث في غيبة أحد.. ولا تشتم أحد.. ولا تبغض أحد.. وجهها يمتلئ نور.. وقورة هادئة حيية راكزة.. إن أرادت شيء طلبته من الله.. وإن أتاها شيء حمدت الله!
      أما الأخت الصغيرة ..فتختلف عن ذلك.. فهي تحس وكأن المرض نقص فيها.. وظلم لها.. وأنه سبب خراب حياتها.. ودمارها.. و و و..
      المهــم:
      كانت ـ ولا زالت ـ الأخت الصغيرة دائماً تتحدث عن الزواج.. وتهكل همّه (يعني تحمل همه؟؟) .. وأنه لن يرضى أحد بها بسبب مرضها.. وأنها.. وأنها.. وإذا قيل لها ادعي الله.. وتضرّعي إليه.. تقول: دعيته! ودعيته! ودعيته! ولم يحصل أي شيء! إلى متى سأنتظر؟! هل سأبقى أنتظر "فارس الأحلام" ليأتي يدق على بابي؟!
      أما أختها الكبيرة فكانت لا تهكل هم الموضوع .. ولا تتحدث عنه.. ولكنها كانت تدعوا الله بينها وبينه.. وتطلب منه بمنّه وكرمه وفضله.. أن يرزقها الزوج والذرية الصالحة..
      ولم يكن أحد يتوقّع أن يحصل أي شيء.. فالمتعارف عليه أن المصابين بهذا المرض (والأعمار بيد الله) لا يتجاوزوا سن البلوغ! ولكنهم بفضل الله تجاوزوه منذ زمن بعيد..!!

      وسبحان الله.. قبل سنتين تقريباً.. تقدّم لها شاب.. داعية.. ذو خلق ودين.. ويشهد الله الذي لا إله إلا هو أني كنت أسمع البنات يقولوا إللي تتجوزه محظوظة.. وقال أنه لايهمّه المرض.. المهم عنده أنها ديّنه وعلى أخلاق عالية.. وناشطة في الدعوة.. وفعلاً حصل نصيب وتزوّجوا في شهر 11 السنة الماضية!
      ومع هذا فالكل يعلم أن من في وضعها لا يستطيع أن يحمل وأن ينجب.. ولكنها.. لم تيأس من روح الله.. وكانت تدعوه.. وتتضرع إليه.. وإذا بها بعد زمن يسير ـ وبقدرة الله ـ حامل!!!
      وقد قال لها من الدكاترة أنها ستضطر للإتيان للمستشفى مرة في الأسبوعين لأخذ الدم بدلا من مرة في الشهر .. والفحوصات ستكثر..وعليها أن تكون حريصة جداً في ما تفعله وما تأكله وعلى صحّتها.. فهذه أول مرة يحصل هذا الشيء!. وقالوا لها أنها لن تستطيع أن تلد ولادة طبيعبة.. خوفاً عليها.. فسيعملوا لها ((شق بطن)).. قبل الميعاد الطبيعي بشهر!.فذهبت للمشتسفى.. ولكنها ولدت ولادة طبيعية ورُزقت ببنت!! فلا يكاد أحد يصدّق الذي يسمعه!فهي والله معجزة من الله.. إنه الإيمان يصنع المعجزات!
      وأحلى خبر.. بنتها ولله الحمد ليست مصابة بالمرض.. ولا حتى تحمله في جيناتها!!!

      أرأيتي أختي الحبيبة..؟ صبرت ودَعَت الله.. ولم تستعجل الإجابة منه.. ففازت بسعادة في الدنيا.. وبإذن الله في الآخرة أيضا..
      ولكن أختها الصغيرة إلى الآن تقول نفس الكلام.. تقول دعوت الله ولم أجد أي نتيجة! وفعلا لم يستجب الله لها.. فالعجلة وعدم الثقة بالله تمنع الإجابة..

      فعليكِ أختي الغالية أن تدعي الله بقلب حاضر خالص.. وأن تتوكلي عليه وأن تكوني موقنة بالإجابة..فتوضأي وصلي ركعتين بخشوع في جوف الليل.. وادعي الله في سجودك..
      سليــه.. فإنه كريم لا يرد سائلا... وارجيــــه.. فإنه حليم رحيم لا يخيّب راجيا..
      وهو القادر وحده على أن يكشف عنك ما بك من ضر.. فتحري أوقات الإجابة (الثلث الأخير من الليل, بين الأذان والإقامة, في الصيام وخاصة بعد الإفطار, وقت نزول المطر, يوم الجمعة)
      فادعيه وقولي: "يا رب أنت المجيب وأنا المضطر فاكشف عني ما أنا فيه"

      ليست ثوب الرجى والناس قد رَقدوا وقمت أشكوا إلى مولاي ما أجدُ

      و قلت يا عدتي في كل ثانيــــــــــــة ومن عليـــه بكشف الضر أعتمدُ

      أشكوا إليــــــــــــك أموراً أنت تعلمها ما لي على حملها صبر ولا جلدُ

      وقد مـــــــــــــددت يدي بالذل معترفا إليك يا خيــر من مـُـــدت إليه يدُ

      فلا تردنها يــــــــــــــــــــــا ربي خائبة فبحر جــــــودك يروي كل من يردُ

      وأخيراً .... أختي الغالية أتركك مع هذه الموعظة الرائعة للإمام الذهبي رحمه الله تعالى:
      لله در قوم تركوا الدنيا قبل تركها, وأخرجوا قلوبهم بالنفر عن ظلام شكلها, التقطوا أيام السلامة فغنموا, وتلذذوا بكلام مولاهم فاستسلموا لأمره وسلموا,وأخذوا مواهبه بالشكر وتسلموا,هجروا في طاعته لذيذ الكرى وهربوا اليه من جميع الورى, وآثروا طاعته ايثار من علم ودرى,ورضوا فلم يعترضول على ما جرى, وباعوا أنفسهم فيا نعم البيع ويا نعم الشراء أسلموا اليه لما سلموا الروح, وخدموه والصدر لخدمته مشروح, وقرعوا بابه وإذا الباب مفتوح, وواصلوا البكا فالجفن بالدمع مقروح, وقاموا في الأسحار قيام من يبكي وينوح, وصبروا على مقطعات الصوف ولبس المسوح, وراضوا أنفسهم فإذا المذموم ممدوح, تعرفهم بسيماهم عليهم آثار الصدح تلوح, قد عبقوا بنشر أنسه رائحة ارتياحهم تفوح, من طيب الثنا روائح لهم بكل مكان تستنشق, ممسكة النفحات الا أنها وحشية لسواهم لا تعبق.


      أختك المُحبة لكِ في الله, والراجية لكِ سعادة الدارين..

      مُسلمة
      واثبتي و اكثري من الدعاء.. وسترين آثار دعائك بإذن الله

      فلا تردّنـها يـا ربي خائبةً فبحر جُودك يَروي كل من يَرِدُ