الحلقه 5 من رواية بلا عنوان

    • الحلقه 5 من رواية بلا عنوان

      .
      الفضاء صافِ السماء نقية زرقاء والحياة واسعة ، ورمالها شاسعة ، قاسية ، تنطق ببشاعة الجريمة الممنوعة .
      لا تزال المراقبة قائمة على اشدها تحيطها الغرابة والاندهاش بما يقوم به وليد في خلوته المسكونة بالهدوء والسكينة التامة ، وقال رجل شاهده عن قرب ، أنه في اللحظة التي يكون مندفعاً فيها ومسكوناً بحالة الاستغراق ..في تأملاته،يتراءى كما لو كان غير موجود لحظتها ، ويعيش في آفاق رحبة ، وإذا ما أفاضت عينيه بالدموع ، يصيبه وهن كأنه شيخ كبير، لا يقوي على فعل شيء ..!
      وذات يوم خرج إلى مجرى واد يقع قريباً من رمال القرية ، فانهمك بنشاط وهمة ،والصمت قاس ،وفجأة ، يرتعش جسده وهو يسمع أصوات فرقعات طيور .. ووعوعة ذئاب وكلاب .. وطنيين حشرات ترعب الأسماع ، تشق وحشته اللا مألوفة ، فهب واقفاً وروحه مكانه ،وإذا بقطوع من الأوعال يتقدم وعل ذو قرنين عيناه تلمعان في الوعيل كحارس وفي من القطيع وعلة شاذة ، خرجت تسابق زميلتها ، وتثير غزيرة الوعل الواقف على بعد من القطيع لم يتجرأ الوعل ، أن يفعل شيئاً ،أو أن تقدم نحوها ،لأنه على علم بأن الوعلة ليست له ،فالوعل الآخر الشقيق الأصفر له ، يجول ببصره ،متحفزاً … لذلك فإن عليه أن يتجنب التحرش بها ، كي لا يزعج أخاه ، أو يثير غضبه ،وبالتالي يخش أن لا يفهمها الآخرين ، أن شقيقة الأكبر اعتدى علية بسبب أروية صغير، لكن الوعل الكبير لم يستطيع المقاومة ، فاستجاب لمداعباتها ، اقترب منها متظاهرا بالانشغال في التهام بقايا حشائش على اليابسة ، بينما الشقيق الأصغر ، يقف في حالة تأهب ونظراته نحو أخيه الأكبر فيها وعيد ، مدركاً بأن شقيقة عدو منافس ، والأروية الصغيرة لم تكن مهمتة بالوعل ، صديقها الذي وقف متطلباً يحذر ويهدد بنظراته لغرض في نفسها فهي معجبة جداً بالوعل الكبير في الوقت نفسه قلقة من ردة فعل الوعل الصغير اتجاهها لأنها تعرفه تماماً أنه غيور وحساس للغاية وتخشى تورطها لمغازلتها الوعل الكبير ، رغم أنها مدركة بأن منافسه لا يقل عنه مهابة وقوة وجمالاً
      دار الوعل الكبير حولها استدارة كاملة ، ممرراً خياشيمه نحو مؤخرتها ،كأنه يتفقد شيئاً أو كأنه يثير غضب شقيقه المنافس ، ووقف عاجزاً رغم أنها خطفت قبلة خجولة منه .
      فأثارت تلك الحركة سكون الصغير وحركة جوارحه وصدمت مشاعره فانهد نطحاً وعضاً مستخدماً كل قوته وطاقته العضلية والجسمية في الدفاع عن حقوقه ، و ا عادة ما
      – اغتصب منه إلى حالته الأولى ،حتى ولو دفن دونها..!!
      استغرب وليد وسيطر عليه الاندهاش وهو يشاهد الحياة
      وقسوة العيش فيها عندما لا يكون هناك رادع ،ولا مهاب
      يخشى منه ولو كان في الكوامن النفسية .
      وقد حول تساؤلاته الحيرى إلى بحث عميق .. وأسئلة مضادة كانت دافعة له في الجد والبعث عن الاستنتاجات التي تواصله إلى بر الأمان ، فهل الحركات والغرائر الحيوانية تشبه الانسان الإنسان سر احتفاظ الإنسان عن غيره من المخلوقات بالأنساب ، وهل تكون الغيرة في الحيوان كما هي لدي الإنسان ؟ وهل تتشابه الأحقاد بينهما إلي الحد الذي شاهدته بأم عيني ؟وهل يفهم الحيوان المتاع لمجرد تدفق الغزيرة من الذاكر أم الاثنين معاً وهل هما يلتقيان في الأصل على امتداده البعيد ؟ وهل هناك شعور متطابق في كل من وأنثى الحيوان وأنثى الإنسان بالرغم أن الجسدين مختلفان ، جسد على جلد شفاف ورقة ونعومة فائضة عليه ، وجسد ذو خشونة وقسوة وجلد يكسوه وبر كثيف ..؟!وبالتالي هل
      هناك عشق حقيق أو ود أو إعجاب أو كذب أو افتراء بدواخل الحيوان كما هو في الأنسان ..؟!
      أسئلة باتت معلقة ، وغامضة إلى حد كبير ،بدت تحاصره من كل جهة ، تبحث عن إجابة ، وهو يصعد إلي
      أعلى قمة الجبال ،يراقب المشادة التي تخاصم عليها الشقيقان ..قال في نفسه:
      -الشيطان قرين الإنسان ..فهل هو قرين للحيوان أيضاً..!!