فضل سور القرآن الكريم

    • فضل سور القرآن الكريم

      بسم الله الرحمن الرحيم

      اطرح هذا الموضوع لما فيه من الفوائد العظيمة ولمن يرغب الاستفادة منه

      وهو عبارة عن بيان ما تدور حوله سور القرآن الكريم وفضل السور وسبب تسمية بعضها ، كل سورة على حده .

      ولطول الموضوع فسوف يتم ادراجها على دفعات إن شاء الله ، في كل يوم سورة أو سورتين حسب الاستطاعة

      وهي مأخوذه من كتاب ( صفوة التفاسير ) وكتاب (مختصر تفسير أبن كثير )

      وآمل اخذ الاستفادة المرجوة منها

      وبسم الله نبدأ ...

      (1)

      سورة الفاتحة


      هذه السورة الكريم مكية وآياتها سبع بالإجماع ، وهي على قصرها ووجازتها قد حوت معاني القرآن العظيم واشتملت على مقاصده الأساسية بالإجمال ، فهي تتناول أصول الدين وفروعه ، وتتناول العقيدة والعبادة والتشريع والاعتقاد باليوم الآخر والإيمان بصفات الله الحسنى وإفراده بالعبادة والاستعانة والدعاء والتوجه إليه جلّ وعلا بطلب الهداية والدين الحق والصراط المستقيم والتضرع إليه بالتثبيت على الإيمان ونهج سبيل الصالحين ، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين .

      فضل سورة الفاتحة :
      روى الإمام أحمد في المسند أن أبيّ بن كعب قرأ على النبي صلى الله علية وسلم أم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفسي بيده ما أُنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته ) ، وعن أبن عباس رضي الله عنهما قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل ، إذ سمع نقيضاً فوقه فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال : هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط ، قال : فنزل منه ملك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، لم تقرأ حرفاً منها إلا أوتيته ) رواه مسلم والنسائي .

      التسمية :
      تسمى ( الفاتحة ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، والشافية ، والوافية ، والكافية ، والأساس ، والحمد ) وقد عدّدها العلامة القرطبي وذكر أن لهذه السورة أثني عشر إسماً .
      وتسمى ( الفاتحة ) لأنه تفتتح بها القراءة في الصلوات .



      سورة البقرة


      سورة البقرة جميعها مدنية بلا خلاف ، وهي من أوائل من نزل ، وآياتها مائتان وثمانون وسبع آيات ، وهي من أطول سور القرآن الكريم على الإطلاق ، وهي تُعنى بجانب التشريع شأنها كشأن سائر السور المدنية التي تعالج النظم والقوانين التشريعية التي يحتاج إليها المسلم في حياته الإجتماعية .

      واشتملت هذه السورة الكريمة على معظم الأحكام التشريعية في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق وفي أمور الزواج والطلاق والعدة وغيرها من الأحكام الشرعية .

      وقد تناولت الآيات في البدء الحديث عن صفات المؤمنين والكفار والمنافقين فوضّحت حقيقة الإيمان وحقيقة الكفر والنفاق للمقارنة بين أهل السعادة وأهل الشقاء .

      وتحدثت عن بدء الخليقة فذكرت قصة أبي البشر ( آدم ) عليه السلام ، وما جرى عند تكوينه من الأحداث والمفاجآت العجيبة التي تدل على تكريم الله جل وعلا للنوع البشري .

      ثم تناولت الحديث بالإسهاب عن أهل الكتاب ، وبوجه خاص بني إسرائيل ( اليهود ) لأنهم كانوا مجاورين للمسلمين في المدينة المنورة ، فنبهت المؤمنين من خبثهم ومكرهم ، وما تنطوي عليه نفوسهم الشريرة من اللؤم والغدر والخيانة ، ونقض العهد والمواثيق مما يوضح عظيم خطرهم وكبير ضررهم .

      وتناولت جانب التشريع لأن المسلمين كانوا في بداية تكوين الدولة الإسلامية وهم في أمس الحاجة إلى المنهاج الرباني والتشريع السماوي الذي يسيرون عليه في حياتهم سواء في العبادات أو المعاملات .

      وتحدثت السورة الكريمة عن جريمة الربا التي تهدد كيان المجتمع وتقوّض بنيانه ، وحملت حملة عنيفة شديدة على المرابين بإعلان الحرب السافرة من الله ورسوله على كل من يتعامل بالربا أو يقدم عليه .

      وأعقبت آيات الربا بالتحذير من ذلك اليوم الرهيب الذي يجازى فيه الإنسان على عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر .

      وختم السورة الكريمة بتوجيه المؤمنين إلى التوبة والإنابة والتضرع إلى الله جل وعلا برفع الأغلال والآصال وطلب النصرة على الكفار والدعاء لما فيه سعادة الدارين .

      فضل سورة البقرة :
      عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) أخرجه مسلم والترميذي .

      وقال صلى الله عليه وسلم ( اقرءوا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة وتركها حسرة ، ولا يستطيعها البطلة ) يعني السحرة ، رواه مسلم في صحيحه .

      وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن لكل شيئ سناماً ، وإن سنام القرآن البقرة ، وإن من قرأها في بيته ليلة لم يدخله الشيطان ثلاثة ليال ) .

      التسمية :
      سميت السورة الكريمة ، ( سورة البقرة ) إحياءً لذكرى تلك المعجزة الباهرة ، التي ظهرت في زمن موسى لكليم ، حيث قتل شخص من بني إسرائيل ولم يعرفوا قاتله ، فعرضوا الأمر على موسى لعله يعرف القاتل ، فأوحى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة ، وأن يضربوا الميت بجزء منها فيحيا بإذن الله ويخبرهم عن القاتل ، وتكون برهاناً على قدرة الله جل وعلا في إحياء الخلق بعد الموت .
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • [TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
      جزاك اللة الف خير اختي البلوشية علي مرورك بالموضوع
      [/CELL][/TABLE]
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • 2)

      سورة آل عمران


      سورة آل عمران من السور المدنية الطويلة وقد اشتملت هذه السورة الكريمة على ركنين هامين من أركان الدين هما :

      الأول : ركن العقيدة وإقامة الأدلة والبراهين على وحدانية الله جل وعلا .
      الثاني : التشريع وبخاصة فيما يتعلق بالمغازي والجهاد في سبيل الله .

      أما الأول فقد جاءت الآيات الكريمة لإثبات الوحدانية والنبوة ، وإثبات صدق القرآن والرد على الشبهات التي يثيرها أهل الكتاب حول الإسلام والقرآن وأمر محمد عليه الصلاة والسلام ، أما الركن الثاني فقد تناول الحديث عن بعض الأحكام الشرعية كفريضة الحج والجهاد وأمور الربا وحكم مانع الزكاة ، وقد جاء الحديث بالإسهاب عن الغزوات مغزوة بدر وغزوة أحد والدروس التي تلقاها المؤمنون من تلك الغزوات ، كما تحدثت الآيات الكريمة بالتفصيل عن النفاق والمنافقين وموقفهم من تثبيط همم المؤمنين ، ثم ختمت بالتفكر والتدبر في ملكوت السموات والأرض وما فيهما من إتقان وإبداع وعجائب وأسرار تدل على وجود الخالق الحكيم .

      فضل سورة آل عمران
      عن النواس بن سمعان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( يُؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به ، تقْدمهم سورة البقرة وآل عمران ) أخرجه مسلم

      التسمية
      سميت السورة بـ ( آل عمران ) لورود ذكر قصة تلك الأسرة الفاضلة ( آل عمران ) والد مريم أم عيسى ، وما تجلّى فيها من مظاهر القدرة الإلهية بولادة مريم البتول وابنها عيسى عليهما السلام .


      سورة النساء

      سورة النساء إحدى السور المدنية الطويلة وهي سورة مليئة بالأحكام الشرعية التي تنظم الشئون الداخلية والخارجية للمسلمين ، وهي تُعنى بجانب التشريع كما هو الحال في السور المدنية ، وقد تحدثت السورة الكريمة عن أمور هامة تتعلق بالمرأة والبيت والأسرة والدولة والمجتمع ولكن معظم الأحكام التي وردت فيها كانت تبحث حول موضوع النساء .

      وتحدثت السورة الكريمة عن حقوق النساء والأيتام وبخاصة اليتيمات في حجور الأولياء والأوصياء ، فقررت حقوقهن في الميراث والكسب والزواج واستنقذتهن من عسف الجاهلية وتقاليدها الظالمة المهينة .

      وتعرضت لموضوع المرأة فصانت كرامتها وحفظت كيانها ودعت إلى إنصافها بإعطائها حقوقها التي فرضها الله تعالى لها كالمهر والميراث وإحسان العشرة .

      كما تعرضت بالتفصيل إلى أحكام المواريث على الوجه الدقيق العادل الذي يكفل العدالة ويحقق المساواة ، وتحدثت عن المحرمات من النساء ( بالنسب والرضاع والمصاهرة ) .

      وتناولت تنظيم العلاقات الزوجية وبينت أنها ليست علاقة جسد وإنما علاقة إنسانية ، وأن المهر ليس أجراً ولا ثمناً ، وإنما هو عطاء يوثق المحبة ويديم العشرة ويربط القلوب .

      ثم تناولت حق الزوج على زوجته وحق الزوجة على زوجها ، وأشادت إلى الخطوات التي ينبغي أن يسلكها الرجل لإصلاح الحياة الزوجية عندما يبدأ الشقاق والخلاف بين الزوجين وبينت معنى ( قوامة الرجل ) وأنها ليست قوامة استعباد وتسخير ، وإنما هي قوامة نصح وتأديب كالتي تكون بين الراعي ورعيته.

      ثم انتقلت من دائرة الأسرة إلى دائرة المجتمع فأمرت بالإحسان في كل شيء ، وبينت أن أساس الإحسان التكافل والتراحم والتناصح والتسامح والأمانة والعدل حتى يكون المجتمع راسخ البنيان قوي الأركان .

      ومن الإصلاح الداخلي انتقلت الآيات إلى الاستعداد للأمن الخارجي الذي يحفظ على الأمة استقرارها وهدوءها ، فأمرت بأخذ العدّة لمكافحة الأعداء ، ثم وضعت بعض قواعد المعاملات الدولية بين المسلمين والدول الأخرى المحايدة أو المعادية .

      واستتبع الأمر بالجهاد حملة ضخمة على المنافقين ، فهم نابتة السوء وجرثومة الشر التي ينبغي الحذر منها وقد تحدثت السورة الكريمة عن مكايدهم وخطرهم .

      كما نبهت إلى خطر أهل الكتاب وبخاصة اليهود وموقفهم من رسل الله الكرام .

      وختمت السورة الكريمة ببيان ضلالات النصارى في أمر المسيح عيسى بن مريم حيث غالوا فيه حتى عبدوه ثم صلبوه ( أي زعموا أنه صلب ) مع اعتقادهم بألوهيته ، واخترعوا فكرة التثليث فأصبحوا كالمشركين الوثنيين وقد دعتهم الآيات الرجوع عن تلك الضلالات إلى العقيدة السمحة الصافية ( عقيدة التوحيد ) .

      التسمية
      سميت سورة النساء لكثرة ما ورد فيها من الأحكام التي تتعلق بهن ، بدرجة لم توجد بغيرها من السور ولذلك أُطلق عليها ( سورة النساء الكبرى ) في مقابلة ( سورة النساء الصغرى ) التي عرفت في القرآن بسورة الطلاق .
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • جزاك الله الف خير يا اخي أبن الوقبه على ما تقوم به من خلا ل هذا تفسير من القران الكريم وهذا شي رائع الله يعطيك العافيه
      لستُ مجبوراً أن أُفهم الآخرين من أنا 00 فمن يملك مؤهِلات العقل والإحساس سأكـون أمـامهُ كالكِتاب المفتـوح وعليـهِ أن يُحسِـن الإستيعاب إذا طـال بي الغيــاب فَأذكـروا كـلمــاتي وأصفحــوا لي زلاتـي انا لم اتغير.. كل مافي الامر اني ترفعت عن (الكثير) ... حين اكتشفت... ان (الكثير) لايستحق النزول اليه كما ان صمتي لا يعني جهلي بما يدور (حولي) ... ولكن أكتشفت ان ما يدور (حولي) ... لايستحق الكلام
    • سورة المائدة

      سورة المائدة من السورة المدنية الطويلة ، وقد تناولت كسائر السور المدنية جانب التشريع بإسهاب مثل سورة البقرة والنساء والأنفال ، إلى جانب موضوع العقيدة وقصص أهل الكتاب .

      نزلت هذه السورة منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، وجِماعها يتناول الأحكام الشرعية لأن الدولة الإسلامية كانت في بداية تكوينها وهي بحاجة إلى المنهج الرباني الذي يعصمها من الزلل ويرسم لها طريق البناء والاستقرار .

      أما الأحكام التي تناولتها السورة الكريمة فنلخصها فيما يلي : ( أحكام العقود ، الذبائح ، الصيد ، الإحرام نكاح الكتابيات ، الردة ، أحكام الطهارة ، حد السرقة ، حد البغي والإفساد في الأرض ، أحكام الخمر والميسر كفارة اليمين ، قتل الصيد في الإحرام ، الوصية عند الموت ، البحيرة والسائبة ، الحكم على من ترك العمل بشريعة الله ) إلى آخر ما هنالك من الأحكام التشريعية .

      وقص تعالى علينا في هذه السورة بعض القصص للعظة والعبرة ، فذكر قصة بني إسرائيل مع موسى وهي قصة ترمز إلى التمرد والطغيان ممثلة في هذه الشرذمة الباغية من اليهود حين قالوا لرسولهم ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ههنا قاعدون ) وما حصل لهم من التشرد والضياع إذ وقعوا في أرض التيه أربعين سنة.

      ثم قصة أبني آدم وهو قصة ترمز إلى الصراع العنيف بين قوتي الخير والشر ممثلة في قصة ( قابيل وهابيل ) حيث قتل قابيل أخاه هابيل وكانت أول جريمة نكراء تحدث في الأرض أريق فيها الدم البريء الطاهر ، والقصة تعرض لنموذجين من نماذج البشرية : نموذج النفس الشريرة الأثيمة ، ونموذج النفس الخيّرة الكريمة .

      كما ذكرت السورة قصة ( المائدة ) التي كانت معجزة لعيسى بن مريم ظهرت على يديه أمام الحوارين ، والسورة الكريمة تعرضت أيضاً لمناقشة اليهود والنصارى في عقائدهم الزائفة ، حيث نسبوا إلى الله ما لا يليق من الذرية والبنين ، ونقضوا العهود والمواثيق ، وحرفوا التوراة والإنجيل ، وكفروا برسالة محمد عليه السلام إلى آخر ما هنالك من ضلالات وأباطيل ، وقد ختمت السورة الكريمة بالموقف الرهيب يوم الحشر الأكبر حيث يُدعى السيد المسيح عيسى بن مريم على رءوس الأشهاد ويسأله ربه تبكيتاً للنصارى الذين عبدوه من دون الله ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأُمي إلهين من دون الله ؟ قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) ويا له من موقف مخزٍ لأعداء الله تشيب له الرءوس وتتفطر من فزعه النفوس .

      فضل سورة المائدة
      عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : أُنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها . أخرجه أحمد

      التسمية
      سميت سورة ( المائدة ) لورود ذكر المائدة فيها حيث طلب الحواريون من عيسى عليه السلام آية تدل على صدق نبوته وتكون لهم عيداً وقصتها أعجب ما ذكر فيها لاشتمالها على آيات كثيرة ولطفٍ عظيم من الله العلي الكبير .


      سورة الأنعام


      سورة الأنعام إحدى السور المكية الطويلة التي يدور محورها حول العقيدة وأصول الإيمان ، وهي تختلف في أهدافها ومقاصدها عن السور المدنية التي سبق الحديث عنها كالبقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، فهي لم تعرض لشيء من الأحكام التنظيمية لجماعة المسلمين ، كالصوم والحج والعقوبات وأحكام الأسرة ، ولم تذكر أمور القتال ومحاربة الخارجين على دعوة الإسلام ، كما لم تتحدث عن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولا على المنافقين ، وإنما تناولت القضايا الكبرى الأساسية لأصول العقيدة والإيمان ، وهذه القضايا يمكن تلخيصها فيما يلي :
      1 – قضية الألوهية .
      2 – قضية الوحي والرسالة .
      3 – قضية البعث والجزاء .

      نجد الحديث في هذه السورة مستفيضاً يدور بشدة حول هذه الأصول الأساسية للدعوة الإسلامية ، ونجد سلاحها في ذلك الحجة الدامغة ، والدلائل الباهرة ، والبرهان القاطع في طريق الإلزام والإقناع لأن السورة نزلت في مكة على قوم مشركين ، ومما يلفت النظر في السورة الكريمة أنها عرضت لأسلوبين بارزين لا نكاد نجدهما بهذه الكثرة في غيرها من السور هما :
      1 – أسلوب التقرير .
      2 – أسلوب التلقين .

      أما الأول ( أسلوب التقرير ) : فإن القرآن الكريم يعرض الأدلة المتعلقة بتوحيد الله والدلائل المنصوبة على وجوده وقدرته ، وسلطانه وقهره سبحانه وتعالى في صورة الشأن المسلّم ، ويضع لذلك ضمير الغائب عن الحس الحاضر في القلب الذي لا يماري فيه قلب سليم ولا عقل راشد في أنه تعالى المبدع للكائنات صاحب الفضل والإنعام فيأتي بعبارة ( هو ) الدالة على الخالق المدبر الحكيم ، ( هو الذي خلقكم من طين ) .. ( وهو الله في السموات والأرض ) .. ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ) .. ( وهو القاهر فوق عباده ) .. ( وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق … ) الخ .

      أما الثانية ( أسلوب التلقين ) : فإنه يظهر جلياً في تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم تلقين الحجة ليقذف بها في وجه الخصم بحيث تأخذ عليه سمعه ، وتملك عليه قلبه فلا يستطيع التخلص أو التفلت منها ، ويأتي هذا الأسلوب بطريق السؤال والجواب يسألهم ثم يجيب ( قل لمن ما في السموات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ) .. ( قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم ) .. ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم مَن إله غير الله يأتيكم به ) .. ( وقالوا لولا نُزّل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن يُنزّل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون ) وهكذا تعرض السورة الكريمة لمناقشة المشركين وإفحامهم بالحجة الساطعة والبراهين القاطعة التي تقصم ظهر الباطل .

      ومن هنا كانت سورة الأنعام بين السور المكية ذات شأن في تركيز الدعوة الإسلامية ، تقرر حقائقها وتثبّت دعائمها وتفنّد شبه المعارضين لها بطريق التنويع العجيب في المناظرة والمجادلة ، فهي تذكر توحيد الله جل وعلا في الخلق والإيجاد ، وفي التشريع والعبادة ، وتذكر يوم البعث والجزاء ، وتبسط كل هذا بالتنبيه إلى الدلائل في الأنفس والآفاق ، وفي الطبائع البشرية وقت الشدة والرخاء ، وتذكر أبا الأنبياء إبراهيم وجمله من أنبيائه الرسل وترشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اتباع هداهم وسلوك طريقهم في احتمال المشاق وفي الصبر عليها ، وتعرض لتصوير حال المكذبين يوم الحشر ، وتفيض في هذا بألوان مختلفة ثم تعرض لكثير من تصرفات الجاهلية التي دفعهم إليها شركهم فيما يختص بالتحليل والتحريم وتقضي عليه بالتفنيد والإبطال ، ثم تختم السورة بعد ذلك – في ربع كامل – بالوصايا العشر التي نزلت في كل الكتب السابقة ، ودعا إليها جميع الأنبياء السابقين ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم .. ) الآية ، وتنتهي بآية فذة تكشف للإنسان عن مركزه عند ربه في هذه الحياة ، وهو أنه خليفة في الأرض وأن الله سبحانه وتعالى جعل عمارة الكون تحت يد الإنسان تتعاقب غليها أجياله ، وأن الله سبحانه قد فاوت في المواهب بين أفراد الإنسان لغاية سامية وحكمة عظيمة وهي ( الابتلاء والاختبار ) في القيام بتبعات هذه الحياة ، وذلك شأن يرجع إليه كماله المقصود من هذا الخلق وذلك النظام ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم ) .

      يقول الإمام الرازي : امتازت هذه السورة بنوعين من الفضيلة ، أحدهما أنها نزلت دفعة واحدة ، وثانيهما أنه شيّعها سبعون ألفاً من الملائكة ، والسبب في هذا الامتياز أنها مشتملة على دلائل التوحيد والعدل والنبوة والمعاد وإبطال مذاهب المبطلين والملحدين .

      ويقول القرطبي : إن هذه السورة أصل في محاجة المشركين وغيرهم من المبتدعين ، ومن كذب بالبعث والنشور ، وهذا يقتضي إنزالها جملة واحدة .

      التسمية
      سميت بـ ( سورة الأنعام ) لورود ذكر الأنعام فيها ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً … ) ولأن أكثر أحكامها الموضحة لجهالات المشركين تقرباً بها إلى أصنامهم مذكورة فيها ، ومن خصائصها ما روي عن أبن عباس أنه قال : نزلت سورة الأنعام بمكة ليلاً جملةً واحدة ، حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • 4)
      سورة الأعراف


      سورة الأعراف من أطول السور المكية ، وهي أول سورة عرضت للتفصيل في قصص الأنبياء ومهمتها كمهمة السور المكية تقرير أصول الدعوة الإسلامية من توحيد الله جل وعلا وتقرير البعث والجزاء وتقرير الوحي والرسالة .

      تعرضت هذه السورة الكريمة في بدء آياتها للقرآن العظيم وعجزة محمد الخالدة ، وقررت أن هذا القرآن نعمة من الرحمن على الإنسانية جمعاء ، فعليهم أن يستمسكوا بتوجيهاته وإرشاداته ليفوزوا بسعادة الدارين .

      ولفتت الأنظار إلى نعمة خلقهم من أب واحد ، وإلى تكريم الله لهذا النوع الإنساني ممثلاً في أب البشر آدم عليه السلام الذي أمر الله الملائكة بالسجود له ، ثم حذرت من كيد الشيطان ذلك العدو المتربص الذي قعد على طريق الناس ليصدهم عن الهدى ويبعدهم عن خالقهم .

      وذكر تعالى قصة آدم مع إبليس وخروجه من الجنة وهبوطه إلى الأرض كنموذج للصراع بين الخير والشر والحق والباطل ، وبيانٍ لكيد إبليس لآدم وذريته ، ولهذا وجه الله إلى أبناء آدم – بعد أن بيّن لهم عداوة إبليس لأبيهم – أربعة نداءات متتالية بوصف النبوة لآدم ( يا بني آدم ) وهو نداء خاص بهذه السورة يحذرهم بها من عدوهم الذي نشأ على عداوتهم من قدم الزمن حين وسوس لأبيهم آدم حتى أوقعه في الزّلة والمخالفة لأمر الله ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما … ) الآية .

      كما تعرضت السورة الكريمة لمشهد من المشاهد الواقعة يوم القيامة ، مشهد الفرق الثلاثة وما يدور بينهم من محاورة ومناظرة : فرقة المؤمنين أصحاب الجنة ، وفرقة الكافين أصحاب النار ، وفرقةٍ ثالثة لم يتحدث عنها القرآن إلا في هذه السورة ، وهي الفرقة التي سميت بأصحاب الأعراف ، وشهد سوف يشهده العالم يوم البعث والجزاء على الحقيقة دون تمثيل ولا تخييل ، تبين ما يكون فيه من شماتة أهل الحق ( أصحاب الجنة ) بالمبطلين ( أصحاب النار ) وينطلق صوت علوي يسجل عليهم اللعنة والطرد والحرمان ، وقد ضرب بين الفريقين بحجاب ووقف عليه رجال يعرفون بسيماهم ، يعرفون أهل الجنة ببياض الوجوه ونضرتها ، ويعرفون أهل النار بسواد الوجوه وقترتها .

      وتناولت السورة قصص الأنبياء بإسهاب ( نوح ، هود ، صالح ، لوط ، شعيب ، موسى ) وقد ابتدأت بشيخ الأنبياء نوح عليه السلام وما لاقاه من قومه من جحود وعناد وتكذيب وإعراض ، وقد ذكرت بالتفصيل قصة الكليم موسى عليه السلام مع فرعون الطاغية ، وتحدثت عما ناله بني إسرائيل من بلاء وشدة ثم من أمنٍ ورخاء وكيف لمّا بدلوا نعمة الله وخالفوا أمره عاقبهم الله تعالى بالمسخ إلى قردة وخنازير .

      وتناولت السورة المثل المخزي لعلماء السوء ، وصوّرتهم بأشنع وأقبح ما يمكن للخيال أن يتصوره ، صورة الكلب اللاهث الذي لا يكف عن اللهث ، ولا ينفك عن التمرغ في الطين والأوحال ( ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه بلهث ) وتلك لعمر الحق أقبح صورة مزرية لمن رزقه الله العلم النافع فاستعمله لجمع الحطام الفاني وكان خزياً ووبالاً عليه ، لأنه لم ينتفع بهذا العلم ، ولم يستقم على طريق الإيمان وانسلخ من النعمة ، وأتبعه الشيطان فكان من الغاوين.

      وختمت السورة الكريمة بإثبات التوحيد والتهكم بمن عبدوا ما لا يضر ولا ينفع ، ولا يبصر ولا يسمع ، من أحجار وأصنام اتخذوهما شركاء مع الله ، وهو جل وعلا وحده الذي خلقهم وصورهم ويعلم متقلبهم ومثواهم وهكذا ختمت السورة الكريمة بالتوحيد كما بدأت بالتوحيد ، فكانت الدعوة إلى الإيمان بوحدانية الرب المعبود في البدء والختام .

      التسمية
      سميت هذه السورة بسورة الأعراف لورود ذكر اسم الأعراف فيها ، وهو سور مضروب بين الجنة والنار يحول بين أهليهما ، روى ابن جرير عن حذيفة أنه سئل عن أصحاب الأعراف فقال : هم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فقعدت بهم سيئاتهم عن دخول الجنة ، وتخلفت بهم حسناتهم عن دخول النار ، فوقفوا هنالك على السور حتى يقضي الله فيهم
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • (5)
      سورة الأنفال


      سورة الأنفال إحدى السور المدنية التي عنيت بجانب التشريع ، وبخاصة فيما يتعلق بالغزوات والجهاد في سبيل الله ، فقد عالجت بعض النواحي الحربية التي ظهرت عقب بعض الغزوات ، وتضمنت كثيراً من التشريعات الحربية ، والإرشادات الإلهية التي يجب على المؤمنين اتباعها في قتالهم لأعداء الله ، وتناولت جانب السلم والحرب ، وأحكام الأسر والغنائم .

      نزلت هذه السورة الكريمة في أعقاب غزوة بدر التي كانت فاتحة الغزوات في تاريخ الإسلام المجيد ، وبداية النصر لجند الرحمن حتى سماها بعض الصحابة ( سورة بدر ) لأنها تناولت أحداث هذه الموقعة بإسهاب ، ورسمت الخطة التفصيلية للقتال ، وبينت ما ينبغي أن يكون عليه المسلم من البطولة والشهامة ، والوقوف في وجه الباطل بكل شجاعة وجرأة وحزم وصمود .

      ومن المعلوم من تاريخ الغزوات التي خاضها المسلمون أن غزوة بدر كانت في رمضان من السنة الثانية للهجرة ، وكانت هي الجولة الأولى من جولات الحق والباطل ، ورد البغي والطغيان ، وإنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ، الذين قعد بهم الضعف في مكة ، وأخذوا في الضراعة إلى الله أن يخرجهم من القرية الظالم أهلها ، وقد استجاب الله ضراعتهم فهيأ لهم ظروف تلك الغزوة التي تم فيها النصر للمؤمنين على قلة في عددهم وضعف في عُددهم وعلى عدم تهيئهم للقتال .

      وفي ثنايا سرد أحداث بدر جاءت النداءات الإلهية للمؤمنين ست مرات بوصف الإيمان ( يا أيها الذين آمنوا) كحافز لهم على الصبر والثبات في مجاهدتهم لأعداء الله ، وكتذكير لهم بأن هذه التكاليف التي أُمروا بها من مقتضيات الإيمان الذي تحلوا به ، وأن النصر الذي حازوا عليه كان بسبب الإيمان لا بكثرة السلاح والرجال .

      أما النداء الأول : فقد جاء فيه التحذير من الفرار من المعركة ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ) وقد توعدت الآيات المنهزمين أمام الأعداء بأشد العذاب .

      وأما النداء الثاني : فقد جاء فيه الأمر بالسمع والطاعة لأمر الله وأمر رسوله ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون ) كما صورت الآيات الكافرين بالأنعام السارحة التي لا تسمع ولا تعي ولا تستجيب لدعوة الحق .

      وأما النداء الثالث : فقد بين فيه أن ما يدعوهم إليه الرسول فيه حياتهم وعزتهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم … ) الآية .

      وأما النداء الرابع : فقد نبههم فيه إلى أن إفشاء سر الأمة للأعداء خيانة لله ولرسوله وخيانة للأمة أيضاً ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) .

      وأما النداء الخامس : فقد لفت نظرهم فيه إلى ثمرة التقوى ، وذكرهم بأنها أساس الخير كله ، وأن من أعظم ثمرات التقوى ذلك النور الرباني ، الذي يقذفه الله في قلب المؤمن ، وبه يفرق بين الرشد والغيّ ، والهدى والضلال ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ، والله ذو الفضل العظيم ) .

      وأما النداء السادس : وهو النداء الأخير فقد وضّح لهم فيه طريق العزة وأسس النصر ، وذلك بالثبات أمام الأعداء ، والصبر عند اللقاء ، واستحضار عظمة الله التي لا تحد ، وقوته التي لا تقهر ، والاعتصام بالمدد الروحي الذي يعينهم على الثبات ألا وهو ذكر الله كثيراً ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون )

      وقد ختمت السورة الكريمة ببيان الولاية الكاملة بين المؤمنين ، وأنه مهما تناءت ديارهم واختلفت أجناسهم فهم أمة واحدة ، وعليهم نصر الذين يستنصرونهم في الدين ، وكما أن ملة الكفر أيضاً واحدة ، وبين الكافرين ولاية قائمة على أسس البغيّ والضلال ، وأنه لا ولاية بين المؤمنين والكافرين ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • اختي البلوشية

      يعطيك الف عافية علي متابعتك للموضوع
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن