من قصص الحجاج بن يوسف الثقفي أخزاه الله

    • من قصص الحجاج بن يوسف الثقفي أخزاه الله


      1 ) الحجاج والرجل اليمني :

      ذهب الطاغية يعتمر، وأخذ معه حراسة مشددة، لأنه يعلم أنه ظالم، ولما أتى مقام إبراهيم، وقف يصلي ركعتين، فوضع حرسه وجنوده السلاح والسيوف والرماح والخناجر على الأرض. والذي يروي هذه القصة طاوس بن كيسان، أحد العلماء، قال: كنت جالساً عند المقام، فسمعت الجلبة، يعني الصوت والضجة، فالتفتُّ، فرأيت الحجاج وحرسه، فقلت: اللهم لا تمتعه بصحته ولا بشبابه.

      فلما جلس الحجاج بعد أن أدى الركعتين، أتى رجل فقير من أهل اليمن، وقام يطوف بالبيت، ولم يعلم أن الحجاج بن يوسف عند المقام، وفي أثناء طواف هذا لفقير، نشبت حربة بثوب هذا الفقير اليمني، ثم وقعت على بدن الحجاج.. ففزع الحجاج وقال: خذوه، فأخذه الجنود، ثم قال: قربوه مني، فقربوه منه، فقال الحجاج لهذا الفقير المعتز بالله: أعرفتني؟ قال: ما عرفتك.

      قال الحجاج: من واليكم على اليمن؟

      قال الفقير: محمد بن يوسف، أخو الحجاج، ظالم مثله!! أو أسوأ منه!!

      قال الحجاج: أما علمت أني أنا أخوه؟

      قال الفقير: أنت الحجاج؟

      قال الحجاج: نعم.

      قال الفقير: بئس أنت، وبئس أخوك!!

      قال الحجاج: كيف تركت أخي في اليمن؟

      قال الفقير: تركته بطيناً سميناً.

      قال الحجاج: ما سألتك عن صحته، إنما سألتك عن عدله.

      قال الفقير: تركته غاشماً ظالماً.

      قال الحجاج: أما علمت أنه أخي؟ أما تخاف مني؟

      قال الفقير: أتظن يا حجاج أن أخاك يعتز بك، أكثر من عزتي بالواحد الأحد؟

      قال طاوس الراوي: والله لقد قام شعر رأسي،
      ثم أطلق الحجاج الرجل،
      فجعل يطوف بالبيت، لا يخاف إلا الله!!.
    • 2 ) الحجاج وسعيد بن جبير :

      كانت جريمة سعيد بن جبير، أنه عارض الحجاج، قال له أخطأت، ظلمت، أسأت، تجاوزت، فما كان من الحجاج إلا أن قرر قتله؛ ليريح نفسه من الصوت الآخر، حتى لا يسمع من يعارض أو ينصح.

      أمر الحجاج حراسه بإحضار ذلك الإمام، فذهبوا إلى بيت سعيد في يوم، لا أعاد الله صباحه على المسلمين، في يوم فجع منه الرجال والنساء والأطفال.

      وصل الجنود إلى بيت سعيد، فطرقوا بابه بقوة، فسمع سعيد ذلك الطرق المخيف، ففتح الباب، فلما رأى وجوههم قال: حسبنا الله ونعم الوكيل، ماذا تريدون؟ قالوا: الحجاج يريدك الآن.

      قال: انتظروا قليلاً، فذهب، واغتسل، وتطيب، وتحنط، ولبس أكفانه وقال: اللهم يا ذا الركن الذي لا يضام، والعزة التي لا ترام، اكفني شرّه.

      فأخذه الحرس، وفي الطريق كان يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، خسر المبطلون.

      ودخل سعيد على الحجاج، وقد جلس مغضباً، يكاد الشرّ يخرج من عينيه.

      قال سعيد: السلام على من اتبع الهدى – وهي تحية موسى لفرعون -.

      قال الحجاج: ما اسمك؟

      قال سعيد: اسمي سعيد بن جبير.

      قال الحجاج: بل أنت شقي بن كسير.

      قال سعيد: أمي أعلم إذ سمتني.

      قال الحجاج: شقيت أنت وشقيت أمك.

      قال سعيد: الغيب يعلمه الله.

      قال الحجاج: ما رأيك في محمد صلى الله عليه وسلم؟

      قال سعيد: نبي الهدى، وإمام الرحمة.

      قال الحجاج: ما رأيك في علي؟

      قال سعيد: ذهب إلى الله، إمام هدى.

      قال الحجاج: ما رأيك فيّ؟

      قال سعيد: ظالم، تلقى الله بدماء المسلمين.

      قال الحجاج: علي بالذهب والفضة، فأتوا بكيسين من الذهب والفضة، وأفرغوهما بين يدي سعيد بن جبير .

      قال سعيد: ما هذا يا حجاج؟ إن كنت جمعته، لتتقي به من غضب الله، فنعمّا صنعت، وإن كنت جمعته من أموال الفقراء كبراً وعتوّاً، فوالذي نفسي بيده، الفزعة في يوم العرض الأكبر تذهل كل مرضعة عما أرضعت.

      قال الحجاج: عليّ بالعود والجارية.

      لا إله إلا الله، ليالٍ حمراء، وموسيقى والهة، والأمة تتلظى على الأرصفة!!.

      فطرقت الجارية على العود وأخذت تغني، فسالت دموع سعيد على لحيته وانتحب.

      قال الحجاج: مالك، أطربت؟

      قال سعيد: لا، ولكني رأيت هذه الجارية سخّرت في غير ما خلقت له، وعودٌ قطع وجعل في المعصية.

      قال الحجاج: لماذا لا تضحك كما نضحك؟

      قال سعيد: كلما تذكرت يوم يبعثر ما في القبور، ويحصّل ما في الصدور ذهب الضحك.

      قال الحجاج: لماذا نضحك نحن إذن؟

      قال سعيد: اختلفت القلوب وما استوت.

      قال الحجاج: لأبدلنك من الدينار ناراً تلظى.

      قال سعيد: لو كان ذلك إليك لعبدتك من دون الله.

      قال: الحجاج: لأقتلنك قتلة ما قتلها أحدٌ من الناس، فاختر لنفسك.

      قال سعيد: بل اختر لنفسك أنت أي قتلة تشاءها، فوالله لا تقتلني قتلة، إلا قتلك الله بمثلها يوم القيامة.

      قال الحجاج: اقتلوه.

      قال سعيد: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين.

      قال الحجاج: وجّهوه إلى غير القبلة.

      قال سعيد: فأينما تولوا فثمّ وجه الله [البقرة:115].

      قال الحجاج: اطرحوا أرضاً.

      قال سعيد وهو يتبسم: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى [طه:55].

      قال الحجاج: أتضحك؟

      قال سعيد: أضحك من حلم الله عليك، وجرأتك على الله!!.

      قال الحجاج: اذبحوه.

      قال سعيد: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد بعدي.

      وقتل سعيد بن جبير، واستجاب الله دعاءه، فثارة ثائرة بثرة[1] في جسم الحجاج، فأخذ يخور كما يخور الثور الهائج، شهراً كاملاً، لا يذوق طعاماً ولا شراباً، ولا يهنأ بنوم، وكان يقول: والله ما نمت ليلة إلا ورأيت كأني أسبح في أنهار من الدم، وأخذ يقول: مالي وسعيد، مالي وسعيد، إلى أن مات.

      مات الحجاج، ولحق بسعيد، وغيره ممن قتل، وسوف يجتمعون أمام الله – تعالى – يوم القيامة، يوم يأتي سعيد بن جبير ويقول: يا رب سله فيم قتلني؟

      يوم يقف الحجاج وحيداً، ذليلاً، لا جنود، ولا حرس، ولا خدم، ولا بوليس، ولا جواسيس. إن كل من في السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدّهم عداً وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً [مريم:93-95].
    • اخي الكريم

      لك جزيل الشكر علي هذة القصص عن الحجاج بن يوسف

      وتبين لنا هذة القصص انة يجب علينا الا نخاف من احد الا اللة سبحانة

      وتعالي .........

      تحيااااااااااتي لك
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • الحجاج مع الإمام جابر بن زيد الأزدي رحمه الله تعالى ( 1 )

      من ذلك أن الحجاج بن يوسف كان يكتب ، والإمام جابر بين يديه فسقط القلم من يد الحجاج ، فقال للإمام جابر : ( ناولني القلم ) ،
      فقال له الإمام جابر بن زيد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله الظالمين وأعوانهم وأعوان أعوانهم ، ولو بمده قلما ) .
      فقد عمد الحجاج إلى المكر حيث تعمد اسقاط القلم ليتبين تصرف الإمام جابر إزاء طلب مناولته إياه ، فكان الرفض وكانت الصراحة ، فأدرك الحجاج أن الإمام من طيبنة خاصة طيبة ، وليس من طيبنة المائعين الذين يرغبون في إظهار التقرب في مثل هذه المواقف تعبيرا عن الولاء لقضاء الحاجة
      فالإمام لم يكتف في هذه المرة بمجرد الرفض وانما استحضر حديثا جاء ضربة في الصميم للحجاج ، إذا الإمام لا يريد أن يدخل في لعنة الله باي وجه من الوجوه ، بل بأخس الوجوه وأدناها ، وهو الإنبطاح إلى الظلم وقضاء ما يريد الظالم وفعلا خلصه الله تعالى من التسفل الذي اراد الحجاج أن يورطه فيه ، وبرأه من ان يكون ملعونا .

      ( راجع كتاب نفحات من السير (2 ) للدكتور فرحات بن علي الجعبيري ، ص 106 ـ 107 )
    • الحجاج مع الإمام جابر بن زيد الأزدي رحمه الله تعالى ( 2 )

      في أحد مجالس الحجاج ، قال للإمام جابر : ( يا ابا الشعثاء أخبرني عن اول آية من سورة البقرة )
      قال : ( تلك للمؤمنين )
      قال : والثانية ؟
      قال : ( تلك للكافرين )
      قال : والثالثة ؟
      قال : ( فيك وفي اصحابك )

      فأسقط في يد الحجاج وصمت ...

      فقد عمد الحجاج في هذه الواقعة إلى السؤال المباشر ، وبدا مستفسرا عن معاني مطالع سورة البقرة كأنه لا يعرفها من قبل..
      لكن الإمام جابر لم يتردد في قول الحق بعبارة صريحة عنيفة لا ألتواء فيها ، وكان يمكن أن يكتفي بالجواب الايسر ، وهو أن يحدد المجموعه الثالثة من الآيات من سورة البقرة جاءت في المنافقين ، ولكنه اختار أن يحشر الحجاج في هؤلاء ، والخطاب المباشر جاء في منتهى البلاغة ( فيك وفي اصحابك ) فكأن آيات النفاق تنزلت في حق الحجاج واعوانه ، بينما نعرف أنها نزلت في حق المنافقين الذين يخفون الكفر ويظهرون الإيمان .
    • الحجاج مع الإمام جابر بن زيد الأزدي رحمه الله تعالى ( 3 )

      قال أحد اصدقاء الإمام جابر بن زيد له يوما بأن الحجاج سيعينه قاضيا ـ أي الصديق نفسه ـ فقال له الإمام جابر محذرا : ( لو ابتليت بشيء من ذلك لركبت راحلتي وهربت ) فكان الإمام ـ رحمه الله ـ يفر من القضاء لأنه يعلم صعوبة التوفيق بين رغبات الولاة ـ الذين يعلم جوهرهم ـ وبين العدل المشروع ...
      وتشاء الأقدار أن يبتلى الإمام جابر بما كان يفر منه ... فكيف استطاع التخلص يا ترى ؟
      أدخل يزيد بن ابي مسلم ( كاتب الحجاج ، وصديق الإمام جابر ) أدخل الإمام جابر على الحجاج ، فسأله الحجاج : ( أتقرأ ؟ )
      قال الإمام : نعم ،
      قال : ( أتفرض ؟ ) ـ أي تقسم التركات ـ ،
      قال الإمام : نعم ، فعجب الحجاج ثم قال : ( ما ينبغي ان نؤثر بك أحدا بل نجعلك قاضيا بين المسلمين ) ،
      فقال الإمام جابر : ( إني اضعف من ذلك ) ،
      قال الحجاج : ( وما بلغ ضعفك ؟ ) ،
      قال : ( يقع بين المرأة وخادمها شر فلا أحسن أن أصلح بينهما )
      فقال الحجاج : ( إن هذا لهو الضعف ) .

      فالحجاج عندما سأل الإمام ( أتقرأ ، أتفرض ) إنما ذلك من باب الملاطفة لاستهوائه ، وإلا فإنه يعلم مكانة الإمام جابر وعلمه ، لذلك نجده تحول بسرعة إلى عرض المنصب الذي يحتاج صاحبه إلى علم غزير لا يمكن أن يتجلى للحجاج من خلال الإجابة عن سؤاليه وهما أن الإمام يقرأ ويفرض ، لكن هل يكفي القاضي ان يكون عارفا للقراءة وقادرا على قسمة المواريث فقط ؟
      فالحجاج ـ وله من الفقه ما له ـ لم يكن ممتحنا للإمام في علمه ، وإنما كان يمتحنه في قبول الخطة أو رفضها ، وهذا بالإعتماد على الإسلوب المرن الذي لم يكن من طبيعة الحجاج ، ولكن حديث كاتبه يزيد بن ابي مسلم عن الإمام جابر من قبل حول الحدة المباشرة إلى حده غير مباشرة تعتمد على دفع الرجل إلى قبول العرض ....
      ولكن الإمام جابر قابل المكر بالمكر والحيلة بالحيلة فأدرك الحجاج من إجابة الإمام أنه أمام شخص غير مغفل وليس من أولئك الراغبين في المناصب بتعديد محاسنهم ومعارفهم ... اجابات مقتضبه ... مما دعا الحجاج مباشرة إلى عرض خطة القضاء ..
      لكن الإمام لم يجرفه الهوى بل ظل صامدا بمرونة منقطعة النظير ، مما حدا بالحجاج إلى معذرة الإمام من تلك المهمة .


      ( راجع كتاب نفحات من السير (2 ) للدكتور فرحات بن علي الجعبيري ، ص 102 ـ 103 )
    • أحسنت أيها الربيع على ما قدمته لنا ,.تحياتي
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!