العولمة.. تحديات وآفاق

    • العولمة.. تحديات وآفاق

      الوطن -

      د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج



      العولمة الوجه الآخر للرأسمالية ، يصفه البعض بالوجه الأسود لأنه يجعل الدول الكبرى تزداد غنى والدول الفقيرة أكثر فقرا ، ورأي آخر يرى العكس يرجع الاختلالات في ميزان الغنى والفقر إلى الممارسات والتطبيقات وليس إلى العولمة كنظام عالمي يمكن أن يحقق مصالح الجميع ومهما اتفقنا أو اختلفنا مع هذه الآراء إلا أنه من الثابت أن العولمة قد وضعت عالمنا الثالث الذي نحن جزء منه في عصر جديد غير مسبوق وقد وجدت أغلب دول العالم الثالث نفسها مطالبة بإلحاح وتحت ضغوطات قوية بالاندماج في الاقتصاد العالمي فماذا يعني هذا الاندماج؟ وقبل ذلك علينا معرفة أهم ملامح هذا العصر الجديد وتأثيره على الدول التي ورثت حضارة عريقة لا تزال تؤطر ذهنية مواطنيها وتتحكم في سلوكياتهم كسلطنة عمان مثلا ؟

      إن أهم ما يلاحظ في العصر الجديد تواري فكرة السيادة (الاقتصادية) وطغيان فكرة العولمة كهدف استراتيجي يمكن الوصول إليه بالتدرج مراعاة لظروف انتقال دول العالم الثالث من دور الدولة المتدخلة في الاقتصاد الى الدور الاليبيرالي الجديد الذي يفتح الأبواب لعبور السلع والأموال والأشخاص بين الحدود وكأنها تنتقل داخل حدودها الجغرافية ، وهى بذلك تشجع النشاط الفردي وتمجده ولن يكون القطاع الخاص المحلي بطبيعة الحال هو اللاعب الوحيد في الحقلين الاقتصادي والاجتماعي وإنما سيدخل مع شركات عالمية في شراكات ومنافسات على الثروات من بوابة العولمة التي تحولت إلى كيان نشأ وما زال يتطور وتتشكل معالمه وتتحدد اتجاهاته بسرعة تفوق سرعة مقدرة الحكومات على تحديد أساليب التعامل معها أو وضع سياسات واضحة للاستفادة منها والحد من آثارها السلبية ، وبالتالي فإن التساؤل الأهم الذي ينبغي أن يطرح هنا هو ، كيف يمكن إدارة هذا العصر في ظل معرفتنا بخصوصية دولتنا الحضارية وإيديولوجيتها الدينية وبنيتها الاجتماعية؟ في البداية يقتضي التذكير ببعض المسلمات التي ينبغي ان تضبط إيقاع تعاطينا مع العولمة ، فعدم الأخذ بها ستظهر في كل فترة زمنية إشكاليات واختلالات جديدة ستكبر وتتضخم كلما تعمقنا كثيرا في العولمة ، فبلادنا تتميز بخصوصية اجتماعية فريدة، من سماتها انها ثابتة وغير قابلة للتغيير ، فماذا يعني ذلك ؟ يعني ان مجتمعنا لن يستغني عن الدولة في عصر العولمة سواء في مجال تقديم الخدمات الاساسية لافراده أم في دورها كراعية له وحارسة لقيمه وسلامه الاجتماعي كما نجحت في ذلك بامتياز خلال دورها ابان مرحلتي السبعينيات والثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات اي قبل انتقالها للدور الجديد ، فسر نجاحنا قديما وحتى حديثا سيرتبط دائما بما تقدمه الحكومة للمجتمع من خدمات وحقوق تمس تفاصيل حياته المعيشية وبذلك نستمر في كسب المجتمع وبذلك نضمن استمرار فوقية ولاءاته وانتماءاته.

      كما يمكننا مواجهة هذا العصر بنظام قانوني شامل وحاكم وبضمانات وآليات تحمي الحقوق وتصون الحريات بحيث تجعل المواطن إنسانا في ذاته وإنسانا في مواجهة الآخرين من بني جنسه وإنسانا في مواجهة الحضارات الأخرى دون خوف من فاعل أو من سلطة في عصر انكماش المكان والزمان وإحلاله بتمدد عنصر المال ، وهنا تقع المسئولية على الجهات الرسمية المعنية ، فعليها أولا الوعي بطبيعة المرحلة الكونية الراهنة وصراعاتها المتعددة الجنسيات والطاغي فيها المصالح الفردية ، وثانيا ، الإيمان بأن دولة المؤسسات والقانون هي الضامنة لحقوق كل الأطراف المحلية والعالمية ، وماذا ينبغي أن يترتب على ذلك من خطوات ؟ أبرزها ، الحرص على عدم وجود ثغرات قانونية أو مؤسسية أو في الأطر الادارية قد تضر بمصالح أي طرف ، والذي يهمنا هنا دائما مصالح المواطنين وخاصة جيل الشباب منهم الذين لن يجدوا أمامهم من خيار متاح سوى العمل في القطاع الخاص ، لذلك فهم سيكونون الطرف الأضعف في هذا العصر إذا لم يكن القانون دقيقا ومفصلا تفصيلا مهنيا واجتماعيا شاملا ، وما أحوجنا اليوم لمراجعة عامة وشاملة لترسانتنا القانونية رغم حداثة بعضها ورغم أهميتها لكي تراعي انكماش الزمان والمكان في ضوء التجربة الحالية وذلك لتهيئة البلاد لمرحلة تدفق المزيد من السلع ورؤس الأموال والخوف كل الخوف من ارتفاع معدل الباحثين عن عمل والتهميش الاجتماعي وعدم تحقيق العدالة الاجتماعية والخوف كذلك من شعور المواطن بغربة داخل بلاده إذا لم يجد قانونا يراعي مصالحه أو ضمانة لحقوقه أو مؤسسة تقف الى جانبة ومصيره يكون دائما بين اروقة القضاء .. في عصر انكماش الزمان والمكان وتمجيد النشاط الفردي المحلي والدولي.

      هكذا انظر للعولمة وهكذا اتوجس منها ، لكنها بالتاكيد لن تخيفنا اذا ما حصنا انفسنا بتشريعات وقوانين تساوي بين الافراد امام القانون وأمام الدولة ، وفي بلادنا ترسانة قانونية ضخمة ليس عندنا شك في ذلك ، لكن هذا لا يعني عدم تحديثها الدوري وفق مستجدات بيئتنا المحلية وطغيان المصالح الخاصة مما قد يفقد معها العمال حقوقهم نتيجة عدم هذه المراجعة لبعض القوانين .. فبلادنا لن تتحمل ما آلت إليه مجتمعات أخرى من تحولها إلى طبقتين هما أسياد ،، أصحاب رؤوس الأموال ،، وعبيد ،، العمال ،، فكيف يتساوون في الحقوق والواجبات ؟


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions