وجهة نظر حول المولد النبوي

    • وجهة نظر حول المولد النبوي

      وجهة نظر حول المولد النبوي


      في ربيع الأول من كل عام تثار زوبعة حول الاحتفال بالمولد النبوي و يتم تبادل الاتهامات بين السلفية و الصوفية و أريد أن أتناول هذا الموضوع من وجهة نظر محايدة و توفيقية بين الطرفين
      فمن خلال إطلاعي على حجة كل من الطرفين تبين لي أن المولد ليس بسنة و لكنه بدعة و الخلاف هل هناك بدعة حسنة أم لا و هل المولد يدخل ضمن البدعة الحسنة أم لا فكل طرف لديه الحجج و كل طرف يستشهد بأقوال أئمة مجتهدين و معروفين و مشهود لهم بالعلم و الفضل و الصلاح
      إذا هذا أمر عليه خلاف فلماذا يصر كل طرف على فرض رؤيته على الآخر حتى يصل الأمر أحيانا لحد القطيعة و تبادل الاتهامات الخطيرة و قد تصل أحيانا لدى بعض المتطرفين من كل تيار لإخراج الآخر من الإسلام
      و الاختلاف في الاجتهاد أمر وارد في شريعتنا الغراء و هو سعة في ديننا و ميزة هامة لها .
      فهل من العقل و الحكمة أن نحول هذا الأمر الذي يمكن استيعابه في شريعتنا الغراء إلى مشاحنة و فرقة المنهي عنها شرعا و نحن اليوم بأمس الحاجة للألفة و المحبة في ظل تكالب الأعداء على أمتنا؟؟؟؟
      و خاصة أن نسبة الذين يقومون بهذا المولد تصل لحوالي تسعون بالمائة من المسلمين
      فالإنصاف أن هذا الأمر مثله مثل أي أمر عليه خلاف بين الأئمة فلكل مسلم الخيار بتقليد أي إمام شاء و كل طرف من المقلدين يحترمون الطرف الآخر مثل الأئمة الذين يقلدونهم فالأئمة يحترمون بعضهم رغم اختلافهم في الاجتهاد
      و في حقيقة الأمر إن الاحتفال بالمولد يختلف عن احتفال النصارى بأعياد الميلاد لأنه لا يتم بنفس اليوم و بساعة محددة فهو عبارة عن تسمية و اصطلاح لاجتماع ديني تم تداوله عبر التاريخ بهذا الاسم فهذه الموالد تتم على مدار السنة
      و يتخذها كثير من الدعاة و المصلحين في بلدان العالم الإسلامي في عصرنا الحاضر كوسيلة لجمع الناس ووعظهم و توجيههم و توعيتهم في ظل المضايقة على العمل الإسلامي في كثير من البلدان الإسلامية التي يعم فيها الجهل و البعد عن دين الله و تنتشر فيها المحرمات
      و ربما المخالفات الشرعية في كثير من هذه الموالد دعت البعض للتشدد في هذا الأمر و الحقيقة أن هذه المخالفات الشرعية تسللت إلى هذا الموالد بسبب الجهل المتوارث من فترة بعيدة و بسبب ظروف الاحتلال التي تعرضت له معظم البلاد الإسلامية و بسبب محاربة الأنظمة القمعية الثورية لهذا الدين حيث قامت بتصفية و إقصاء الدعاة المخلصين المعتدلين المتسلحين بالعلم الصحيح .
      و هناك تغييرات إيجابية كثيرة حصلت في الآونة الأخيرة بسبب انتشار العلم و زيادة عدد الدعاة فالأمر يحتاج إلى نصح و إصلاح واعي و حكيم و عقلاني و مدروس لإزالة هذه المخالفات الشرعية من هذه الموالد و ليس مهاجمتها بالكلية التي تتسبب بردة فعل عكسية اشد ضرراً و هي تكريس الفرقة و وضع حاجز سميك لعدم سماع النصح .
      فهل إذا حصلت مخالفات شرعية في مكان العمل أو السوق أو الشارع نغلقهم بالكلية؟؟؟؟؟ .
      و هذه الموالد لها إيجابية في حفظ هذا الدين حياً في معظم البلاد الإسلامية التي تعرضت لاحتلال أو تم حكمها من قبل أنظمة قمعية ثورية معادية للدين حيث تم تصفية أو إقصاء معظم العلماء الربانيين.
      و فيها كثير من الايجابيات مثل التعبير عن محبة النبي و آل بيته و صحابته الكرام و غالباً ما تتخللها كلمات وعظية إرشادية و ربط مجموعة من المسلمين مع بعضهم .
      و هناك اعتراض على بعض الكلام الذي يتم ترديده في هذه الموالد و أحيانا يتم وصف قائلها بالشرك و في الحقيقة غالب هذا الكلام قيل من قبل أئمة معروفين بالعلم و الصلاح و هي مصطلحات لها تفسير عند أهل هذا العلم مثلها مثل أي علم له مصطلحاته فالأولى سؤال أهل العلم منهم عن المقصود بهذا الكلام قبل الحكم عليه و إلا فالأخذ بظاهر الأقوال فقط دون معرفة المقصود ربما يدخلنا في دوامة كبيرة
      فمثلاً إذا قال احدهم جرحت نفسي بالسكين أو أحرقت بيتي بالشعلة فلو كان قصد القائل أن السكين تقطع بنفسها و أن الشعلة تحرق بنفسها فيقع القائل في الشرك فالسكين لا تقطع إلا إذا أذن لها الله و النار لا تحرق إلا إذا إذن لها الله و هذا ينطبق على كثير من الأقوال التي يقولها المسلم في حياته اليومية
      فالأصل إحسان الظن بالقائل و عدم اتهامه قبل معرفة قصده و الصحيح نشر العقيدة السليمة و تصحيح الأخطاء بدل الاتهامات فمهمة المسلم و الداعية إدخال الناس في دين الله بالرفق و اللين و الموعظة الحسنة و ليس إخراجهم من دين الله أفواجا
      فهناك جهل كبير بالدين و تعاليمه بسبب نقص في الدعاة و تقاعس بعض الدعاة و أحيانا جهل الدعاة بأساليب الدعوة الناجعة في هذا الواقع الأليم
      فالأمة بحاجة ماسة لدعاة معتدلين تذوقوا الإسلام و فهموا معانيه و تعلموا علومه و أحكامه .
      فالإنصاف أن يحترم كل تيار وجهة نظر التيار الآخر حول الأمور التي فيها اختلاف في الاجتهاد و أن يستمع كل تيار لنصح التيار الآخر حول الأمور الشرعية الثابتة و الواضحة و التي لا لبس فيها و أن يأخذ كل تيار التيار الآخر باللين و التيسير و ذلك عبر البحث عن الرخص الشرعية فأمتنا الآن ضعيفة لا تطيق الشدة .

    • عُمانيٌ وأنطلقُ إلى الغايات نستبقُ وفخري اليوم إسلامي لغير الله لا أثقُ وميداني بسلطنتي وساحُ العلمِ منطلقُ