أبو نواس و المتنبي في شوارع واشنطن

    • أبو نواس و المتنبي في شوارع واشنطن

      أبو نواس و المتنبي في شوارع واشنطن

      *************************
      الموضوع لكاتبه // الجاحظ
      يعني منقول
      بس بصراحة شيق جدا وممتع جدا

      .........................

      في شارع مكتظ بالمارة لمحت على البعد رجلاً غشيه السواد من هامته إلى قدميه .. كان يلبس قبعة سوداء و نظارة سوداء و ( بالطو ) أسوداً و قفازين أسودين و حذاء طويلاً أسوداً ..
      كان يسير حثيثاً و يتعثر في مشيه .. و بين كل خطوتين يلتفت وراءه بارتباك و كأن شراً يطارده ..

      و لكن .. !! أظن أنني ... !! إنه ... نعم أظن أني أحتفظ في ذاكرتي بشيء من هذه الملامح.. وجهه مألوف و صفاته ليست غريبة ...
      يا إلهي .. أنا متأكد أنه ليس غريباً .. لقد رأيته .. أو ... أو وُصف لي بالأحرى .. و في الحالين فإن ملامحه ذات دلالة و إيحاء بطريقة أو أخرى

      آه .. إلهي !! إنه أبو الطيب المتنبي .. إنه هو .. نعم هو ..
      كيف ! و لماذا ! و متى ! و أين ؟! .. أتراه قفز من أغوار التاريخ إلينا .. أم زماننا عاد مئات السنين ؟! و فوق هذا .. ما الذي فعله بنفسه ؟ و ما هذا السواد الحالك ؟!
      أسرعت وراءه أحث خطاي و أصطدم بهذا و أتجاوز ذاك حتى كان في متناولي فمددت يدي إلى كتفه ..


      المتنبي/ لالا .. بريء .. أقسم إنه هو .. و الله ما فعلت شيئاً

      أنا/ هدئ من روعك .. لست قاصداً بسوء .. أنت آمن

      المتنبي/ قلت لك لا علاقة لي .. ألم يكفكم هو .. والله إنني بريء

      أنا/ يا رجل قلت لك لن أوذيك .. إنما أحببت التعرف عليك .. ألست ..

      المتنبي/ لا .. لست شيئاً .. لست أحداً

      أنا/ يا أخي أنا حسن النية مسالم .. و لم أرك قبل الآن .. و قد أردت سؤالك .. ألست شاعرنا أبا الطيب المتنبي ؟

      المتنبي/ متنبي من يا رجل ؟! أنا جاك هيدسون .. لا علاقة لي بمن ذكرت

      أنا/ أبا الطيب .. أراهن عليك .. و لئن تهت عن الجهات الأربع فلن أتيه عنك

      المتنبي/ أ أنا آمن ؟

      أنا/ نعم .. أنا عربي مثلك و كل غريب للغريب نسيب

      المتنبي/ متأكد أنك عربي ؟

      أنا/ أؤكد لك ذلك .. و لست من الحضارة بمستوى يؤهلني للمكر .. اطمئن

      المتنبي/ لا بأس .. أنا .. أنا .. نعم أنا هو أبو الزفت المتنبي

      " قالها و أشاح عني بوجهه "

      أنا/ ما الذي جاء بك إلى أمريكا و كيف جئت ؟

      المتنبي/ لا يهم كيف و لا لماذا جئت .. سأحدثك و لكن اقصد بي مكاناً آمناً .. إنهم يطاردونني .. سيذبحونني

      أنا
      / يذبحونك !! من هم ؟

      المتنبي/ سأخبرك .. سأخبرك بكل شيء .. و لكن استرني سترك الله .. لنفارق هذا المكان

      أنا/ حسناً .. لنذهب إلى الشقة




      " و في الشقة "




      أنا/ ماذا تشرب يا أبا الطيب ؟

      المتنبي/ كابتشينو

      أنا/ و الآن .. أخبرني ما شأنك

      المتنبي/ شأني .. هه .. شأني شأن من ذهب يرجو المغنم .. فعاد بلا خفي حنين و لا إزاره .. لقد جمعني السفر و اتحاد العزم بأبي نواس .. فقد جئنا لمدح هذا المأفون بوش لعلنا نحظى بجائزة أو ينفحنا بفضل مال .. و لما استأذنا عليه و قمت أنا أمامه و بدأت الإنشاد .. صرخ بجنده أن اقبضوا على الإرهابي .. فأطلقت أنا ساقي للريح .. و كان أبو نواس قد أكثر الشراب و السهر الليلة البارحة فلم تغثه رجلاه و أمسكوه

      أنا/ و لكن .. أبعد سيف الدولة تمدح بوش .. و هل مثل بوش يمدح ؟

      المتنبي/ تعرف مقدار البطالة في العالم العربي .. و القرش غالٍ

      أنا/ و ماذا عن أبي نواس ؟

      المتنبي/ في داهية .. ليقتلوه إن شاؤوا

      أنا/ لم تقل لي .. كيف اشتبه بكما ؟

      المتنبي/ و ما يدريني عن ذلك القرد ؟! مع أني كنت متنكراً كما ترى .. و لم يكن أبو نواس أقل مني .. فقد لبس بنطال ( جينز ) و ( تيشيرت ) و لبس قبعة رياضية مقلوبة .. و قد ترجمت شعري حتى لا تشك العفاريت الزرق به ... لعل الجان أخبره !!

      أنا/ هلا أعدت علي ما قلت

      المتنبي/ " أنشد قصيدته في بوش "

      أنا/ يا رجل !! اتق الله ربك ... لقد تغنيت بوقعة ذي قار .. و كانت الغلبة فيها للعرب على الروم ... كيف فاتك هذا ؟!

      المتنبي/ آآه .. صدقت والله .. ياللغباء .. لقد أردت شتمها فتغنيت بها




      " بعد مدة
      "




      كان اليوم جميلاً عذب النسمات .. دخلت الشقة و إذا أبو الطيب جالس و هو ساهم قد استغرق في تفكيره عما حوله .. و يبدو أن فكرة قد استغرقته بعمقها فملكت عليه حواسه ... تنحنحت ثم قلت بلهجة تكلفت وديتها لعلي أبدد همه :

      أنا/ ألم يسمع شاعرنا بأضرار التفكير المتصل .. هاه .. علام استقر عزمك يا أبا الطيب ؟

      المتنبي/ أراك و كأنك سئمت استضافتي !

      أنا
      / لا والله .. ما أنصفتني يا أبا الطيب ... إنما كان سؤالاً عابراً

      المتنبي/ لا أدري ماذا أقول ... لا أظنني قد عزمت على شيء .. بيد أني ..

      أنا
      / أنك ماذا ؟

      المتنبي/ بيد أني أحس .. بوخزة في أشلاء ضميري المنهك

      أنا/ أتعني الضمير لا غير ... آه منذ كم لم أسمع هذه الكلمة بهذا المعنى .... و لكن .. خيراً يا أبا الطيب ؟!

      المتنبي/ زِق الخمرة .. أبو نواس

      أنا/ خيراً .. ما شأنه ؟!

      المتنبي/ إنه و إن كان و كان .. فلا زال حق النصح له علي .. و أرى من قلة المروءة أن أدعه حيث يحتاج العون ... و ليت شعري أين هو و كيف هو الآن

      أنا/ رغم أنني لا أستسيغه ... و لكن نعم ما قلت ... و لك مني العون إن شئت

      المتنبي/ لا .. لن أكلفك فوق ما كلفتك ... سأتدبر شأني بنفسي





      " و بعد مدة "




      أنا/ هاه ... ماذا كان من أمرك يا أبا الطيب ؟

      المتنبي/ ... " يتنهد بعمق " ... كل خير إن شاء الله .. كل خير

      أنا/ أوقعت له على خبر ؟

      المتنبي/ لقد تحطمت رجلاي من البحث و عي لساني من السؤال ... و لما أن كدت أفقد الأمل .. جاءني الفرج .. و لكنه ... إنه بحق أمر عجيب !!

      أنا/ !!!

      المتنبي/ حين كدت أفقد الأمل بالعثور على من يعرف خبره .. اتجهت إلى أحدهم و قد عزمت أن يكون آخر مشواري لهذا اليوم ... فأجابني بما أدهشني ... قال إنه يستطيع الوصول إليه .. و إن أبا نواس عزيز كريم في مصلحة حكومية أمريكية

      أنا
      / عزيز !! و كريم !! أتعني ... ؟!

      المتنبي/ نعم .. لم يمسه ما توقعت من عذاب و بلاء ... و على أي حال ... فقد أعطيت ذلك الرجل عنوان الشقة ليعطيه أبا نواس فيلحق بنا متى استطاع ... و لا أظنه سيثقل عليك ؟!

      أنا/ لا لا .. بل على الرحب و السعة





      " و بعد أيام "





      كنت في المطبخ أهيئ بعض ما نأكله ... و كان أبو الطيب يكتب قصيدة في استراحة الشقة ... و بينا نحن كذلك .. دق جرس الباب مرة أو مرتين .. و سمعت خطوات أبي الطيب متجهاً نحو الباب ... و ما هي إلا لحظات إذ راعني و هو يشهق بأعلى صوته ... أسرعت لأستطلع الأمر و إذا هو واقف كالملدوغ جاحظة عيناه .. و قد تدلى فكه ... و إذا بالباب ...!!!!!!

      أنا/ مـ...مـ...ن ... من .. من أنت ؟؟؟

      هو/ أنسيتني يا أبا الطيب ؟

      " لم يجبه المتنبي و أجبته أنا "

      أنا/ أخرج يا هذا .. اخرج و إلا استدعيت الشرطة و سيكون أشقى أيام حياتك

      هو/ عجبي !! رويدكم يا قوم ... أبا الطيب ما بالك ؟ أ خانتك ذاكرتك ؟ أنا أبو نواس

      " شهقنا بصوت واحد : ( أبو نواااس ؟؟ ) "

      هو/ نعم .. أنا أبو نواس .. انظر إلي جيداً يا أبا الطيب .. أنا أبو نواس



      " يا إلهي !! لقد كان .. بل لم يكن ... لم يكن إلا جسداً برأس و أشباه أطراف .. بلا وجه و لا قفا و لا ملامح ... جسد برأس و أطراف فقط "
      أنا/ و لكن ... أين ؟ .. كيف ..؟ أعني .. هل ..؟

      هو/ أ تقصد .. كيف صرت إلى هذه الهيئة ؟

      أنا/ لا .. إنما أعني ... أقصد .. أنت حـ...ـقـ..ـاً بـ...ـشـ...ـر ؟

      المتنبي/ أبو نواس ؟! ... لا .. نحن نحلم .. أكيد أننا نحلم .. !!

      أنا/ أبا الطيب .. أنا هو .. أبو نواس .. أقسم بالله ... هلا أدخلتموني لأشرح لكم قصتي ؟





      " بعد دقائق "





      لم يزل الرعب و الدهشة و آثار الصدمة تسيطر علينا .. و لكن خفت الحدة .. و حق لنا الرعب .. فقد رأينا هولاً من الأهوال .. جسد و رأس .. بلا وجه و لا قفا و لا ملامح و لا ما يدل على بشريته في يومٍ من الأيام ...
      أمر غريب .. بل مرعب .. بل أشد من هذا و ذاك ... إنه المستحيل بعينه

      أنا/ تفضل يا أبا نواس ... " قلتها ثقيلة بلهجة غير المصدق " ...

      المتنبي/ لا أزال غير مصدق .. أحس أنني تائه في حلم لم أستطع الاستيقاظ منه ... أو .. أو ضائعاً في أعماق الصحراء تطارده قهقهات الموت من كل اتجاه

      هو/ اتجاه .. اتجاه ... " قالها متضجراً " ... لا بد أن تصدقا .. أنا أبو نواس ... " و مضى يسرد على أبي الطيب قصة مجيئهما لبوش " ...

      هز المتنبي رأسه بتثاقل .. و كأنه أرغم على تصديق أحد المستحيلات الثلاثة


      المتنبي/ نعم .. نعم .. لم تترك مجالاً للشك .. و لكن اعذرنا فليس هذا مما يسهل على المرء تصديقه .. و لو كان هو الصدق بعينه

      هو/ أقدر حالتكما ... و الآن .. أ لن تضيفاني شيئاً ؟!

      أنا/ بلى .. تفضل .. دقائق فقط

      هو/ ..." يرتشف الشاي ببطء و تلذذ "... أظنكما بشوق لسماع خبري و معرفة ما حل بي ؟

      أنا/ أكيد ..

      المتنبي/ في أشد الشوق

      هو/ ... " يضع فنجانه و يعتدل في جلسته " ... إن أول ما يقفز في ذهني حين أريد الحديث عما جرى هو أن أولئك القوم كانوا غاية في اللطف و النبل ... و أنني كنت تائهاً ضائعاً طوال سنيّ عمري الماضية ..

      المتنبي/ ... " يتمتم " ... ضائع؟؟!

      هو/ نعم .. و أشد ما يكون الضياع ... أشـ..ـد ما يـ..ـكون الضياع ... " و شد على جملته الأخيرة " ...
      كنت مريضاً و موبوءاً ... و لكني لا أدري بمرضي .. بل كنت أراه عافية و صحة و أرى عافية غيري مرضاً و بلاءً .. و لن ألوم نفسي .. فليس هذا المرض مما يدرك بالحواس الست

      " صمت لبرهة و كأنه يعطي عقولنا فرصة لاتخاذ موقف مما قال .. شجعه صمتنا فواصل "

      و قد يهون الأمر لو كان المرض عضوياً فحسب .. و لكنه مرض شملني من الألف إلى الياء .. كما يشمل بني قومي الآن و الذين لا يشعرون بمرضهم ...

      أنا/ أ تقصد ...

      هو/ دعني أكمل لو سمحت .. باختصار يا سادة .. مرضي الذي شفيت منه و مرضكم الذي تعانون منه هو مرض الجهات .. عقدة الجهات ..
      أنا/ الجهات ؟!!

      المتنبي/ !!!

      هو/ الأمام يتقدم الخلف ... الأعلى فوق الأسفل ... اليسار شمال اليمين .. وجه و قفا .. جنوب و شمال و شرق .. و غرب .. هنا و هناك ... مع .. و ضد .. و عكس
      هذا هو مرضنا .. و هذه عقدتنا .. و هذا بلاؤنا ... هذا الذي قعد بنا عما نهضت إليه الأمم ..
      أحمد ربي كثيراً على أن شفاني من هذا الداء .. أنا الآن لا يهمني كيف أتجه .. و لا من أستقبل و لا من أستدبر .. لأنني برئت من المرض .. لا الوجه يكبلني .. و لا القفا يقيدني .. و لا الشمال يحبس حريتي .. و لا الجنوب يكتم أنفاسي ... أنا حر .. طليق .. لا أعرف اليمين و لا اليسار ... أكتب كما يحلو للورقة .. و أتحدث كما يحلو للجدران .. و أمشي كما يحلو للأرض .. أسير للوراء و للأمام .. و لا أهتم
      و الفضل كله لهؤلاء الطيبين ..
      هؤلاء النبلاء يريدون عافيتكم و شفاءكم .. و لكنكم مرضى حتى النخاع .. حتى آخر قطرة في دمائكم ..
      هم يريدون تخليصكم من عقدة الاتجاهات .. كل ما يفعلونه في صالحكم .. و لئن أعطيتموهم الفرصة ليصححوا خطأكم .. فلتنعمن بعيشكم .. و لتجدن لذة العافية
      دعوهم بتقنيتهم يخلصوكم من وجوهكم و أقفائكم .. و يستأصلوا ملامحكم .. دعوهم يخلطون الجهات الست حتى تذوب .. أعطوهم الفرصة .. ضعوا أكفكم في " أرجلهم " و لا تتعاونوا مع المرض على أنفسكم و عليهم ..
      صدقاني ..
      أول خطوة هي الشعور بالمرض و بالحاجة للدواء ..
      صدقاني ..
      الشر كل الشر أن تشوهوا خرائطكم بالاتجاهات .. دعوها غفلاً من أي اتجاه .. ألغوا أي اتجاه .. ألغوا كل ما يذكركم بالاتجاه .. و لن تندموا



      " و الآن "





      اقتنعنا بكلام أبي نواس .. كان كلامه واقعياً .. و لا مجال للمقاومة .. و ها قد تخلصت أنا و أبو الطيب من عقدة الاتجاه .. و شفينا من وجوهنا .. و تعافينا من أقفائنا .. صار أبو الطيب يكتب الشعر من اليسار لليمين ـ كما تقولون ـ و من اليمين لليسار .. و من الأعلى للأسفل و من الأسفل للأعلى ..
      لم نعد نواجه مشكلة في استقبال القبلة .. نصلي للشرق تارة و للغرب أخرى .. و لا ننسى الشمال و الجنوب من راتبة أو تنفل .. لا مشكلة .. و لا عناء في البحث ..
      ما عدنا نتعب في لعبتنا المفضلة كرة القدم .. صرنا نسدد في الاتجاهين ..

      باختصار .. لا مشاكل بعد اليوم ..
    • أختى ناور جزاااك الله خيرا

      بس أقوووووووووول تو المتنبي يشرب كابتشينو ...مسكين منهين يعرف عن الكبتشينو ..أنا لو إستضفت المتنبي ما أعتقد إني راح أمل منه بنوب ..بس نبغى منهم ياطيونا قصيدة تكون ضربة حال بوش الكلب .

      بس متى راااااااااااح يوصلوا عمان هو أبو نواااااااااس ...
    • الرسالة الأصلية كتبت بواسطة:النهروان

      أختى ناور جزاااك الله خيرا

      بس أقوووووووووول تو المتنبي يشرب كابتشينو ...مسكين منهين يعرف عن الكبتشينو ..أنا لو إستضفت المتنبي ما أعتقد إني راح أمل منه بنوب ..بس نبغى منهم ياطيونا قصيدة تكون ضربة حال بوش الكلب .

      بس متى راااااااااااح يوصلوا عمان هو أبو نواااااااااس ...

      ****************

      ويجزيك الخير اخوي النهروان :D

      شفت عاد هذا متنبي القرن الواحد والعشرين متطور يا ولد الحلال|a

      بس عاد متى بيوصلوا عمان بعدهم ما اتصلوا فيني اول ما يعطوني خبر اكيد بعلمك ;););)