فن الاوبرا وعلاقته بالعماني

    • فن الاوبرا وعلاقته بالعماني

      فن الاوبرا بقلم الدكتوره آسيه البوعلي


      موجب تخصصي الأكاديمي الذي ينصب في النقد الفني وبموجب انشغالي بالثقافة عامة، وبالفن خاصة، طرح علىَّ أحد الأشخاص سؤالا وجدته في استفزازه
      لا يقل عما ينم عن سطحية صاحبه وجهله. «يا دكتورة الثقافة والفنون،هل العُماني في حاجة إلى دار للأوبرا ؟ وهل هو مؤهل علميًا وثقافيًا وفكريًا بأن يستوعب فن الأوبرا؟»
      قدر ما فرض عليَّ وضعي الوظيفي وكذا آداب الحوار الإجابة على السؤال، قدر ما أثار السؤال استفزازي ودهشتي واستغرابي، لاسيما وإنه صادر من شخص من حملة الدكتوراه أو هكذا من المفترض أن يكون.
      وحيث إن لا وجود للدكتوراه في الثقافة مطلقًا ولا في الفنون عامة، وبحكم ما لي من ملكة نقدية فطرية ومكتسبة قرأت على الفور ما يستبطنه السؤال من سخرية.
      فقررت أن أرد بطعنة فاتكة حيث قلت له: إنني سمعت كثيرًا عن درجات دكتوراه يتم شراؤها كنت أظنها إشاعة إلى أن قابلتك، منكم نتعلم ونستفيد.

      في مثل هذه المواقف ينقلب شعوري بالاستفزاز إلى حافز ودافع قوي للكتابة في موضوعات كانت مؤجلة نسبيًا في أجندة مقالاتي،
      من هذه الموضوعات الحديث عن فن الأوبرا الذي كنت أريد الشروع فيه حين افتتاح «دار الفنون الموسيقية» رسميًا،
      خاصة وإنني من قبل كتبت مقالات كثيرة في الصحف المحلية والعربية عن السيمفونيات، والكونشرتات وموسيقى الأوبرا التي عزفتها الأوركسترا السيمفونية السلطانية العُمانية .



      علاقة العماني بفن الأوبرا


      غني عن البيان أن المرجعية التاريخية لمدنية الشعب العُماني وحضارته، تعود إلى ما قبل القرن السادس عشر الميلادي
      وما خلفه العمانيون من حضارة إسلامية في منطقة شرق أفريقيا فضلاً عن كتب التاريخ تقف شاهد عيانٍ على ذلك.
      ومعنى هذا أن المواطن العماني جاب بلاد العالم شرقًا وغربًا وتعرف على فن الأوبرا، ولأن السياسة الحكيمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة – حفظه الله ورعاه -
      ملمة بالماضي التليد لشعبه وسنوات نهضته المجيدة هي امتداد لحضارة العماني وتأكيد لماضيه التاريخي، فإن إنعام جلالته بتأسيس دار للفنون الموسيقية
      هو صرح فني يضاف إلى إنجازات النهضة المباركة و تتويجًا لرقي فكر القائد، وترسيخًا لذائقة شعبه الفنية من منطلق أن الناس على دين ملوكهم .

      وعليه فإن وجود دار لفن الأوبرا يعد مسألة حتمية من مراحل تطور الشعب العُماني ؛ لأن الأوبرا جنس من أجناس الفنون وعبقرية الشعوب تقاس بقوة الفنون فيها،
      اعتمادًا على أن كلمة « فن» تعني المقدرة العقلية والشعورية على الإبداع، عبر إعادة الصياغة والتشكيل لفكرة أو لموضوع أو لشيء ما،
      وحين نقول إعادة الصياغة معنى ذلك أن الطرح الجديد لابد أن يكون مضيفًا لما هو موجود في الواقع الموضوعي،
      مع الوضع في الحسبان ليس كل أو أية إضافة تعد فنًا. أي لابد أن تكون تلك الإضافة التي باستطاعتها تحريك الآخر ( الجمهور).
      فما الفن سوى التناسج المُحبك بين أضلاع مثلث، يمثل ضلعه الأول المرْسِل ( الفنان)، والثاني الرسالة (الفن المُقدَم)، والثالث المُرْسَل إليه ( المتلقي/ الجمهور).



      أول دار الفنون الموسيقية


      غني عن البيان أن المكرمة السامية بإنشاء دار الفنون الموسيقية بمنطقة الصاروج بالقرم، تعد صفحة من الصفحات
      التي لا تحصى من العهد الزاهر والميمون لمولانا حضرة صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه – كما تعكس النظرة الثاقبة والاهتمام السامي بالفنون الموسيقية والمسرحية.
      وصرح دار الفنون الموسيقية، باعتباره مشروعًا فنّياً وثقافيًّا فريدًا من نوعه، من المقرر- بناءً على ما نُشر في جريدة عُمان 13مايو 2007م- الانتهاء منه بحلول صيف 2010م.
      هذا الصرح لا يوجد ما يماثله في الشرق الأوسط وربما في العالم،من حيث المواصفات ذات التقنيات العالية في المجالين المسرحي والغنائي فضلاً عن نقاء الارتداد الصوتي.
      ولَمَا كان ضمن أهداف إنشاء دار الفنون الموسيقية إبراز معلم فني يعد إضافة مهمة لتاريخ وثقافة السلطنة، فإن التصاميم المعمارية لواجهات المبنى جاءت في فنيتها مازجة بين العمارة العربية والإسلامية .
      كما أن التفرد المعماري لهذا الصرح يتضح من مفردات التصاميم الداخلية بما فيها من القاعة الرئيسية، والإضاءة،وأنظمة الصوت،
      وخشبة المسرح المتحركة، ومقاعد جلوس المنفردة في التصميم من حيث قابليتها للتعديل ثَم يمكن التحكم فيها وفي مساحة المسرح،
      بحيث تمتد هذه المساحة من 800 مقعد إلى 1100 حسب نوع العرض المُقدَم سواء أكان أوبرا أم مسرحًا أم عرضًا موسيقيًا.
      وضمن المميزات الفريد لخشبة المسرح احتواؤها على برج علوي بارتفاع 32 مترًا، لتسهيل التشكيلات المسرحية خلال الأداء، فبناءً على النوع الإخراجي للفن المُقَدم
      يمكن توسعة خشبة المسرح تضييقها، ومما لا شك فيه أن تشييد قاعة مسرح تتضمن كل هذه الجوانب العالية التقنية والشديدة التعقيد يعد تحديًا كبيرًا.
      كما أن اللمسات الفنية الجمالية لقاعة دار الفنون الموسيقية تمتد لتشمل المقصورة السُلطانية، ومقاعد كبار الشخصيات والشرفات التي تتكون من ثلاث طبقات على الجانيين



      منقول
      " الدoــعــة الأســيــرة " .. صـــgتـــيـــة NEW
      هـنــــــا