منقوول من احدي المنتديات
قال ابن القيم رحمه الله :
" أخبر الله سبحانه وتعالى عن عشق امراة العزيز ليوسف وما راودته وكادته به ، وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه، مع أن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبره الله عليه ، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع، وكان الداعي هاهنا في غاية القوة وذلك لوجوه :
أحدها : ما ركب الله سبحانه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة ، كما يميل العطشان إلى الماء والجائع إلى الطعام ، حتى أن كثيرا من الناس يصبر عن الطعام والشراب ولا يصبر عن النساء، وهذا لا يذم إذا صادف حلالا، بل يحمد كما في كتاب الزهد للامام أحمد من حديث يوسف بن عطية الصفار عن ثابت البناني عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : " حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء ، أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن ".
الثاني : أن يوسف -عليه السلام- كان شابا ، وشهوة الشاب وحدته أقوى . الثالث : أنه كان عزبا ، لا زوجة له ولا سرية ، تكسر حدة الشهوة .
الرابع : أنه كان في بلاد غربة لا يتأتى للغريب فيها من قضاء الوطر ما يتأتى لغيره في وطنه وأهله ومعارفه .
الخامس : أن المرأة كانت ذات منصب وجمال ، بحيث أن كل واحد من هذين الأمرين يدعو إلى موافقتها .
السادس : أنها غير آبية ولا ممتنعة ، فإن كثيرا من الناس يزيل رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها ، لما يجد في نفسه من ذل النفس و الخضوع والسؤال لها .
السابع : أنها طلبت وأرادت وبذلت الجهد ، فكفته مؤنة الطلب وذل الرغبة إليها ، بل كانت هي الراغبة الذليلة ، وهو العزيز المرغوب إليه .
الثامن : أنه في دارها وتحت سلطانها وقهرها ، بحيث يخشى غن لم يطاوعها من أذاها له ، فاجتمع داعي الرغبة والرهبة .
التاسع : أنه لا يخشى أن تنم عليه هي ، ولا أحد من جهتها ، فإنها هي الطالبة والراغبة ، وقد غلقت الأبواب وغيبت الرقباء .
العاشر : أنه كان مملوكا لها في الدار ، بحيث يدخل ويخرج ويحضر معها ، ولاينكر عليه ، وكان الأمن سابقا على الطلب ، وهو من أقوى الدواعي ، كما قيل لأمرأة شريفة من أشراف العرب : ما حملك على الزنا ؟ ، قالت : قرب الوساد وطول السواد ، تعني قرب وساد الرجل من وسادتي ، وطول السواد بيننا .
الحادي عشر : أنها استعانت عليه بأئمة المكر والاحتيال ، فأرته إياهن وشكت حالها إليهن لتستعين بهن عليه ، فاستعان هو بالله عليهن فقال : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ) .
الثاني عشر : أنها توعدته بالسجن والصغار ، وهذا نوع إكراه ، إذ هو تهديد ممن يغلب على الظن وقوع ما هدد به ، فيجتمع داعي الشهوة وداعي حب السلامة من ضيق السجن والصغار .
الثالث عشر : أن الزوج لم يظهر من الغيرة والنخوة ما يفرق به بينهما ويبعد كل منهما عن صاحبه ، بل كان غاية ما خاطبهما به إذ قال ليوسف : ( أعرض عن هذا ) ، وللمرأة : ( استغفري لذنبك ، إنك كنت من الخاطئين ) ، وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع ، وهنا لم يظهر منه غيرة .
ومع هذه الدواعي كلها فقد آثر مرضاة الله وخوفه ، وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنى فقال : ( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) ، وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه وأن ربه تعالى إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن ، صبا إليهن بطبعه وكان من الجاهلين ، وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه .
قال ابن القيم رحمه الله :
" أخبر الله سبحانه وتعالى عن عشق امراة العزيز ليوسف وما راودته وكادته به ، وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه، مع أن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبره الله عليه ، فإن موافقة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع، وكان الداعي هاهنا في غاية القوة وذلك لوجوه :
أحدها : ما ركب الله سبحانه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة ، كما يميل العطشان إلى الماء والجائع إلى الطعام ، حتى أن كثيرا من الناس يصبر عن الطعام والشراب ولا يصبر عن النساء، وهذا لا يذم إذا صادف حلالا، بل يحمد كما في كتاب الزهد للامام أحمد من حديث يوسف بن عطية الصفار عن ثابت البناني عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : " حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء ، أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن ".
الثاني : أن يوسف -عليه السلام- كان شابا ، وشهوة الشاب وحدته أقوى . الثالث : أنه كان عزبا ، لا زوجة له ولا سرية ، تكسر حدة الشهوة .
الرابع : أنه كان في بلاد غربة لا يتأتى للغريب فيها من قضاء الوطر ما يتأتى لغيره في وطنه وأهله ومعارفه .
الخامس : أن المرأة كانت ذات منصب وجمال ، بحيث أن كل واحد من هذين الأمرين يدعو إلى موافقتها .
السادس : أنها غير آبية ولا ممتنعة ، فإن كثيرا من الناس يزيل رغبته في المرأة إباؤها وامتناعها ، لما يجد في نفسه من ذل النفس و الخضوع والسؤال لها .
السابع : أنها طلبت وأرادت وبذلت الجهد ، فكفته مؤنة الطلب وذل الرغبة إليها ، بل كانت هي الراغبة الذليلة ، وهو العزيز المرغوب إليه .
الثامن : أنه في دارها وتحت سلطانها وقهرها ، بحيث يخشى غن لم يطاوعها من أذاها له ، فاجتمع داعي الرغبة والرهبة .
التاسع : أنه لا يخشى أن تنم عليه هي ، ولا أحد من جهتها ، فإنها هي الطالبة والراغبة ، وقد غلقت الأبواب وغيبت الرقباء .
العاشر : أنه كان مملوكا لها في الدار ، بحيث يدخل ويخرج ويحضر معها ، ولاينكر عليه ، وكان الأمن سابقا على الطلب ، وهو من أقوى الدواعي ، كما قيل لأمرأة شريفة من أشراف العرب : ما حملك على الزنا ؟ ، قالت : قرب الوساد وطول السواد ، تعني قرب وساد الرجل من وسادتي ، وطول السواد بيننا .
الحادي عشر : أنها استعانت عليه بأئمة المكر والاحتيال ، فأرته إياهن وشكت حالها إليهن لتستعين بهن عليه ، فاستعان هو بالله عليهن فقال : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ) .
الثاني عشر : أنها توعدته بالسجن والصغار ، وهذا نوع إكراه ، إذ هو تهديد ممن يغلب على الظن وقوع ما هدد به ، فيجتمع داعي الشهوة وداعي حب السلامة من ضيق السجن والصغار .
الثالث عشر : أن الزوج لم يظهر من الغيرة والنخوة ما يفرق به بينهما ويبعد كل منهما عن صاحبه ، بل كان غاية ما خاطبهما به إذ قال ليوسف : ( أعرض عن هذا ) ، وللمرأة : ( استغفري لذنبك ، إنك كنت من الخاطئين ) ، وشدة الغيرة للرجل من أقوى الموانع ، وهنا لم يظهر منه غيرة .
ومع هذه الدواعي كلها فقد آثر مرضاة الله وخوفه ، وحمله حبه لله على أن يختار السجن على الزنى فقال : ( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) ، وعلم أنه لا يطيق صرف ذلك عن نفسه وأن ربه تعالى إن لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن ، صبا إليهن بطبعه وكان من الجاهلين ، وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه .